Cutting Ties to Reflect on the Servitude of the Creatures
قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق
خپرندوی
مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤٣ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة - مصر
ژانرونه
العبادة، وقد أُفْرِدَت الاستعانةٌ هنا عن العبادة في هذا المقام وذكرت معها؛ لكونها وسيلة وطريق مؤد إليها.
وفي بيان فضلها وعظيم منزلتها يقول ابنُ القيِّم ﵀-:
وَسِرُّ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ، وَالْكُتُبِ وَالشَّرَائِعِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ انْتَهَى إِلَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، وَعَلَيْهِمَا مَدَارُ الْعُبُودِيَّةِ وَالتَّوْحِيدِ، حَتَّى قِيلَ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ، جَمَعَ
مَعَانِيَهَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، وَجَمَعَ مَعَانِيَ هَذِهِ الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقُرْآنِ، وَجَمَعَ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ فِي الْمُفَصَّلِ (^١)، وَجَمَعَ مَعَانِيَ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَاتِحَةِ، وَمَعَانِيَ الْفَاتِحَةِ فِي (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة: ٥). (^٢)
وقد جمعت هذه الآية على وجازتها من الفوائد دررًا، ومن البلاغة كنوزًا، وسنشير إلى شيء من ذلك:
أولًا: السرُّ في تقديم ما حقُّه التَّأخير
فقد قُدِّم المفعولُ على الفعل في الآية وهذا فيه ثلاث فوائد (^٣):
الأولى: فيه أَدَبُ العِبَادِ مَعَ اللَّهِ بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ عَلَى فِعْلِهِمْ.
الثَّانية: فِيهِ الِاهْتِمَامُ وَشِدَّةُ الْعِنَايَةِ بِهِ.
الثَّالثة: فِيهِ الْإِيذَانُ بِالِاخْتِصَاصِ، الْمُسَمَّى بِالْحَصْرِ، فَهُوَ فِي قُوَّةٍ: لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاكَ، وَلَا نَسْتَعِينُ إِلَّا بِكَ.
(^١) - والمفصل هو ما يلي المثاني من قصار السُّور إلى آخر القرآن، وَهو: مِنَ الْحُجُرَاتِ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وسمِّي بالمفصَّل لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، وقيل: لقلّة المنسوخ منه، ولهذا يسمّى بالمحكم أيضًا، كما روى أحمد في المسند (٢٢٨٣) بسند صحيح عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ- ﵄، قَالَ: (إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ)، ورواه البخاري في صحيحه (٥٠٣٥) ولكن جعله من كلامِ ابنِ جبير-﵀.
(^٢) - وهذ الأثر قد عزاه غير واحد من أهل العلم ونسبه للحسن البصري، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٤/ ٧)، وابن عادل الحنبلي في: اللباب في علوم الكتاب (١/ ١٦٤)، والفخر الرازي في تفسيره: مفاتيح الغيب (١/ ١٦٠).
(^٣) - مدارج السَّالكين (١/ ٩٨).
1 / 29