الجريدة ومنهجها
سيأتي في خدمة الشرقيين على ما في الإمكان من بيان الواجبات التي كان التفريط فيها موجبا للسقوط والضعف، وتوضيح الطرق التي يجب سلوكها لتدارك ما فات، والاحتراس من غوائل ما هو آت.
ويستتبع ذلك البحث في أصول الأسباب ومناشئ العلل التي قصرت بهم إلى جانب التفريط والبواعث التي دفعت بهم إلى مهامه حيرة عميت فيها السبل، واشتبهت بها المضارب، وتاه فيها الخريت،
2
وضل المرشد حتى لا يدري السالكون من أين تفجعهم الطوارق المفزعة والمزعجات المدهشة والمدهشات القاتلة.
وتكشف الغطاء ما استطاعت عن الشبه التي شغلت أوهام المترفين، ولبست عليهم مسالك الرشد، وتزيح الوساوس التي أخذت بعقول المنعمين حتى أورثتهم اليأس من مداواة علاتهم وشفاء أدوائهم، وظنوا أن زمان التدارك قد فات وأن العناية بلغت حدها.
وتحاول إشراب الأفهام أن لا حاجة في الوصول إلى نقطة الخلاص المرغوبة إلى قطع دائرة عظيمة، تصورها يوجب فتور الهمم وانحطاط العزائم، وأن تخيل تلك الدائرة الواسعة إنما عرض من الإدبار عن المطلوب وهو تحت الجناح ويكفي في الوصول إليه عطفة نظر وقطع بعض خطوات قصيرة.
وإن الظهور في مظهر القوة لدفع الكوارث إنما يلزم له التمسك ببعض الأصول التي كان عليها آباء الشرقيين وأسلافهم، وهي ما تمسكت به أعز دولة أوروبية وأمنعها، ولا ضرورة في إيجاد المنعة إلى اجتماع الوسائط وسلوك المسالك التي جمعها وسلكها بعض الدول الغربية الأخرى، ولا ملجئ للشرقي في بدايته أن يقف موقف الأوروبي في نهايته، بل ليس له أن يطلب ذلك، وفيما مضى أصدق شاهد على أن من طلبه فقد أوقر نفسه وأمته وقرا أعجزها وأعوزها.
وتنبه على أن التكافؤ في القوى الذاتية والمكتسبة هو الحافظ للعلاقات والروابط السياسية، فإن فقد التكافؤ لم تكن الرابطة إلا وسيلة القوي لابتلاع الضعيف، وتجعل إهاب الوداد المرقش بألوان الملاطفة المدبج بأشكال المجاملة شفافا ينم عما وراءه، وتنقب عن المسالك الدقيقة التي يسري بها الطامعون في دياجر الغفلات.
وتهتم بدفع ما يرمى به الشرقيون عموما والمسلمون خصوصا من التهم الباطلة، التي يوجهها إليهم من لا خبرة له بحالهم ولا وقوف على حقائق أمورهم، وإبطال زعم الزاعمين أن المسلمين لا يتقدمون إلى المدنية ما داموا على أصولهم التي فاز بها آباؤهم الأولون، ولا تهن في تبليغ الشرقيين ما يمسهم من حوادث السياسة العمومية وما يتداوله السياسيون في شئونهم مع اختيار الصادق، وانتقاء الثابت، وتراعي في جميع سيرها تقوية الصلات العمومية بين الأمم وتمكين الألفة في أفرادها وتأييد المنافع المشتركة بينها والسياسيات القويمة التي لا تميل إلى الحيف والإجحاف بحقوق الشرقيين.
ناپیژندل شوی مخ