حيلة إنجليزية
ذكر كثير من الجرائد الهندية، وفيها جريدة «أخبار عام» أن عددا وافرا من الإنجليز يدخلون في دين الإسلام، في هذه الأيام، وكثرت الظنون في هذا العارض الجديد، الإجماع على أن ليس الباعث عليه حسن العقيدة في هذا الدين، والإذعان لأحكامه القدسية، وإنما القصد منه أن يخدعوا المسلمين بمشكلاتهم، ليركنوا إليهم، ويحسنوا الظن بهم، فيبيحوا لهم بما تكنه صدورهم من خواطر الميل إلى دعوة محمد أحمد السوداني. وهذا يدل على أن هذه الدعوة أخذت من قلوب الهنديين، وعظمت منزلتها فيهم، وتوقع الإنجليز شرا من فشوها، وامتداد شهرتها بين مسلمي الهند، وطلبوا للاحتياط هذه الوسائل.
وقالت بعض الجرائد: إن الخشية من الإذعان لدعوة السوداني قد انضم إليها الرهبة من قرب الروس لتخوم الهند، فكان من مجموعهما فزع شديد، حمل الإنجليز على التودد للمسلمين ، والظهور في مظاهر العدول المنصفين، بل الأصفياء المخلصين، حتى إن الإخلاص والعدالة تحمل الكثير منهم على التدين بالدين الإسلامي ليملكوا بذلك قلوب السذج، ويمحصوا بعض الصدور من الحقد عليهم، ويثقوا به شرا عاجلا أو آجلا. ولكن الصيف ضيعت اللبن.
كان يمكن لهم ذلك بالاعتدال في السلطة، والأخذ بشيء من الصفقة قبل اقتراب النكبة، أما الآن وقد أوغرت الصدور غلا، ووقرت القلوب أحقادا، وتحقق عند الكافة من المسلمين، بل وغيرهم من الهنديين، أن الإنجليز لهم في كل مصلحة مفسدة، وفي كل حسنة سيئات، وفي كل صفاء دخل؛ فهم الخادعون الخائنون، بل هم الكاذبون المنافقون. هذه صفاتهم لم يبق فيها ريبة عند مسلم، فلا تفيدهم الحيلة أدنى فائدة، ولا تعود عليهم إلا بأسوأ عائدة، ولا ينالون منها إلا وقوف المسلمين على غاية سيرهم عند عجزهم، وازديادهم بصيرة في أمرهم، ويقينا بضعفهم، حيث لم يبق لديهم من الوسائل إلا خلع دينهم، والدخول في دين المسلمين إرضاء لخواطرهم.
ولسنا في حاجة لتحذير المسلمين منهم؛ فإن لنا يقينا بأنه لا يوجد مسلم في أقطار الهند جميعا إلا وهو على علم تام بما يريد به حاكموه من الإنجليز، فما هو بمؤمن لهم حتى ولو كانوا صادقين.
الفصل الحادي والثمانون
وداد الإنجليز للمسلمين
يظهر من الرسائل والبرقيات الواردة من القاهرة أن الإنجليز وفقوا لإلهاب حرب صليبية بين الحبشة ومسلمي السودان، والله يعلم ماذا تكون العاقبة إذا طار شررها، ربما لا يوجد مسلم يعتقد بدين محمد
صلى الله عليه وسلم
إلا ويسعى ببذل روحه وماله لإحباط أعمال الإنجليز ورد كيدهم، خصوصا مسلمي الهند المغرورين بخديعة حكامهم، ودعواهم أن دولتهم نصيرة الإسلام، وحليفة الدولة العثمانية.
ناپیژندل شوی مخ