النحو في كتبهم المبسوطة من الأعاريب للأحاديث، فأوردتها بنصهّا معزوّة إلى قائلها، لأن بركة العلم عزو الأقوال إلى قائلها، ولأن ذلك من أداء الأمانة، وتجنب الخيانة، ومن أكبر أسباب الانتفاع بالتصنيف، لا كالسارق الذي خرج في هذه الأيام فأغار على عدة كتب من تصانيفي، وهي المعجزات الكبرى، والخصائص الصغرى، ومسالك الحنفاء، وكتاب الطيلسان وغير ذلك، وضمّ إليها أشياء من كتب العصريين، ونسب ذلك لنفسه من غير تنبيه على هذه الكتب التي استمد منها، فدخل في زمرة السارقين، وانطوى تحت ربقة المارقين، فنسأل الله تعالى حسن الإخلاص والخلاص، والنجاة يوم يقال للمعتدين لات حين مناص.
وقد رمزت على كل حديث رمز من أخرجه من أصحاب الكتب الستة المشتهرة، وإن لم يكن فيها ولا في المسند صرّحت بذكر من أخرجه من أصحاب الكتب المعتبرة.
فائدة [هل يتعدى "سمع" إلى مفعولين؟]
يتكرر كثيرا في الحديث قول الراوي "سمعت رسول الله ﷺ يقول " وقد اختلف هل يتعدّى "سمعت" إلى مفعولين؟
فجّوزه الفارسي، لكن لابد أن يكون الثاني مما يُسْمَع، نحو: سمعت زيدًا قال كذا. فلو قلت: سمعت زيدًا أخاك، لم يجز.
والصحيح تعدّيه إلى مفعول واحد، وما وقع بعده منصوبًا فعلى الحال، والأول على تقدير مضاف، أي سمعت قول رسول ﷺ، لأن السمع لا يقع على الذوات، ثم بيّن هذا المحذوف بالحال المذكور، وهي يقول، وهي حال مبيّنة، ولا يجوز حذفها.
وقال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿سَمِعْنَا مُنَادِيًا﴾ [آل عمران: ١٩٣] تقول سمعت رجلًا
1 / 71