قال الماوردي في شرحه: لما نقض على أبي حامد والصواب أن يقال: هو رفع الحكم الشرعي بخطاب، وهذا منهار من كل وجه لما تقدم، وأبلغ على قولنا وقولهم، وحده الفقيه العالم أبو محمد عبد الله بن زيد رحمه الله فقال: هو إزالة مثل الحكم الشرعي بطرق شرعية متراخية في الإزالة جنس الحد تشترك فيه جميع الأزالات.
وقوله: مثل الحكم؛ لأن إزالة غير الحكم تقدير ألا يكون نسخا بل يكون بدءا.
وقوله: الشرعي احترازا عن العقل؛ لأن إزالة الأحكام العقلية لا تكون نسخا كإزالة حظر ذبح البهائم ونحوها.
وقوله: بطريق شرعية؛ لأن زوال الأحكام الشرعية بالطرائق العقلية لا تعد نسخا كما يزول بالعجز والموت.
وقوله: مع تراخيها احتراز من زوال مثل الحكم بغاية أو شرط أو استثنا.
قلت: وهذا حد صحيبح إذ هو جامع مانع وأقرب إلى الفهم بمطرد ينعكس ....التكرار والناسخ له معان إلا أن حده الذي يريد هو الطريق الشرعية المزيلة لحكم شرعي مع تراخيها.
والمنسوخ المقصود منه وإن كان له غير ذلك إنه الطريق الشرعية المزال حكمها بطريق شرعية مع التراخي والإحترازات معرفة، وهذان حد بهما الفقيه أبو محمد رحمه الله.
المسألة الثانية:
في شروط النسخ وشروطه خمسة:
الأول: أن يكون المنسوخ حكما شرعيا لا عقليا أصيلا كالبراءة الأصلية التي ......بإيجاب العبادات.
الثاني: أن يكون النسخ بخطاب فارتفاع الحكم بموت المكلفين ليس نسخا إذ ليس المزيل خطابا رافعا لحكم خطاب سابق.
الثالث: التراخي للناسخ إذ لو كان مقرونا لكان يدل على البداء.
الرابع: أن يكون ما يتناوله النسخ متميزا عن المنسوخ.
الخامس: أن يكون مقدورا للمكلف.
المسألة الثالثة في الفرق بين النسخ والبدا
هو ظاهر، وقد قيل في البداء شروط أن يكون الأمر والنهي جميعا متعلقين بفعل واحد على وجه واحد، ومنها أن يكون المكلف واحدا.
مخ ۴۶