عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأقران
Unwan al-Zaman fi Tarajim al-Shuyukh wa-l-Aqran
ژانرونه
-494- محمد بن أحمد بن يوسف بن حجاج ، الفاضل ولى الدين السفطى الشافعى مدرس الجمالية برحبة باب العيد بالقاهرة .
ولد سنة ست وتسعين وسبعماية بالصليبة من القاهرة ، وفرا بها الفرأن ، وتلا برواية أبى عمرو ، ونافع ، على : الشيخ شرف الدين يعقوب نزيل تربة جوشن ، وعلى الشيخ شمس الدين النشوى - بكسير النون وإسكان المعجمة وغيرهما وأخذ الفقه عن قاضى القضاه جلال الدين البلقينى ، والبرهان البيجورى ، وغيرهما والنحو عن الشيخ شمس الدين الشطنوفى وغيره . ثم لازم الشيخ عز الدين بن جماعة ، فسمع غالب العلوم التى كأانت تقرا عليه ، من فقه وأصول ومعان وبيان ومنطق وغير ذلك وتذا لما قدم العلاء البخارى إلى القاهرة لازمه غير أنه لم يتقدم فى العلم ، إلا أنه عنده فصاحة ومعرفة ، ويتفهم الكلام ، وجراة زائدة في ابتداء الحال تستر جهله عند من لا [يعرفه] وكأن في ابتدائه فقيرا جدا ، فناب في القضاء عن قاضي القضاه شمس الدين الديرى الخنفى ، ثم عن جلال الذين البلقينى في حدود سنة خمس عشرة وثمانماية .
ولما عزل بالهروي لم يل عنه شيئا ، فاستنابه الذيرى . ثم لما عاد الجلال ناب عنه وتقدم عنده ، فأقبلت عليه الدنيا حتى امتلات منها الأقطار : ثم عزل نفسه قبل موت الجلال ، وهو مسافر مع السلطان الملك الظاهر ططر ، ترفعا عن ذلك . واستمر إقبال الدنيا عليه ، وولى مشيخة الجمالية عن سيدى على بن قاضى القضاة ولى الدين العراقى وأكب على صحبة القبط ، فنال من دنياهم كثير . أجاز باستدعاتى ، وشافهنى بالإجازة وهوذو حظ واقر من الآكابر ، على غضهم منه فى البأطن : فصحب الظاهر جقمق ، فلما
ولى السلطنة تردد إليه وصار/ أحد ندمائه ، فازداد اتساع دنياه بذلك جدا . وهو على ذلك فى غاية من شدة البخل وأكل أموال الناس بالباطل ، أما الضعيف فقهرا ، وأما غيره فبالإلحاف في المسثلة بطرق عجيبة وأساليب غريبة ، حتى ضرب به المثل في ذلك .
وله فنون ووقايع شاعت وذاعت وتناقلها الناس ، حتى زادت على حد الثوائر وملت منها الأسماع وكأدت تفوت الحصر . وقد حاز الغاية من بذاءة اللسان وحلاوته ، يستعمل كلا إذا احتاج إليه فى استجلات الدنيا : مع أنه إذا أتاه الإنسان لصد منه في الأولى وتارة تضعضع له وذل ، وعاض ذلك الفجور واضمحل ممن يجبه بالإشارة ، ويبادر إلى البذاءة من غير موجب ولقد استقرأيت أخلاق كثير منهم ، فوجدت أخرهم فى الذل لمن يجاهرهم كأولهم فى التجبر ، لم يصبر لهم ، فعليك بهذه القاعدة فاستعملها في صلاح دنياك ، وكن لينا على أهل اللين شديدا على المنافقين. والله المستعان ، وغالب الناس أوكلهم يتربص به الذوائر ، لظلمه لهم وبذاءته عليهم . على أنه مع ذلك ، كثير الصوم والضلاة والدعاء ، والتخشع والبكاء بالدموع إذا أراد ، تصديقا للحديث الذى فيه إن العبد إذاكمل نفاقه بكى متى شاء وعسى أن ينفعه ذلك ، ويرد إلى سواء السبيل ولم تزل عظمته زائدة وحرمته وافرة عند السلطان فمن دونه ، حتى ولى شيخنا الشيخ شمس الدين محمد بن على القاياتى القضاء في محرم سنة تسع وأربعين ، فشرع السفطى ينظر إليه بالعين التى كأن ينظره بها من قبل . قبينوا له قضية سنة خمسين كان الذى بارزه فيها شخص من الأسافل ، كان السلطان أقامة للفجور على الآكابر ، يقال له أبو الخير النخاس ، فرقع قصته للسلطان على رؤوس الأشهاد ، أن له على السفطى دعوى . فأمر له بأن يدعى حيث أراد ، فاختار الدعوى عند القاياتى ، فطلبه . فادعى عليه النحاس بدعوى صدقه فيها ، وسلم إليه المدعى به فىي المال ، وادعى عليه بدعوى فكذلك كف الله عنه الناس بعد أن كانوا [غلبوا] عليه كثيرا منهم
ولما انفصل ذلك ، خلف أن الدعوتين لا أصل لهما ، ولكنه لم يرض لمنصبه الحلف ولا التحليف . ثم قال : من جاء منكم مدعيا فاكتبوا عليه إشهادا ، بقبض ما أدعى به كائنا ما كان ، وأرسلوه إلى يقبض من غير بينة ولايمين : فأبان [عن رأى ] سديد وتصرف حسن وثبات شديد . ورق له كثير من الناس ، لتسلط هذه السفلة عليه ، مع بغضهم له من قبل ذلك ، وتلاف حاله مع السلطان . ولم يزل يسوس أمره ويحفظ النقص عن مرتبته ، حتى ولاه نظر المارستان عن ناظر الجيش المحب بن الاشقرفى السنة المذكورة . وامتنع عن قبول الهدايا ، وكف عن كثير من الأذي والسفه ، وأظهر حسنن السنيرة فى المارستان وأخذ يستجلب إليه طلبة العلم بالإحسان ، بعضهم يسعى / له فى مرتب في الجوالى وبعضهم ينتسب له فى النيابة في القضاء ، ونحوذلك . فتهافتت عليه طلاب الدنيا منهم فدرس لهم في كتب ما أظن أنه يحسنن قراءتها ، فكيف بإقرائها : كحاشية الكشاف ، ومختصر المزنى ، والحاوى الصغير ، وغير ذلك فكان من يحضر عنده يحسن له ما يقول ، كائنا ما كان . وتتنافس أدنياؤهم في حضور درسه ، لما شاع عنه من النفع لمن يتردد إليه ولم يزل جواد علياته يجرى به في مطالع السعداء ، يعلو فى مراتب المجد ، حتى قربه السلطان ونال منه مالم ينله فقيه في زمانه . وحصل من الدنيا ما لم يخصل عليه أحد من أقرانه ، حتى رتب له السلطان فى ديوان الجوالى فى كل يوم مثقالا وربعا . وكان الأمير الكبير قد أقام بعض جماعته فى المارستان ، فتوصل إلى منعهم من المباشرة ، وصار وجود كل من المارستان من كبير وصغير فى أيامه غرما واستمر فى ترفى وصعود وعظمة وسعود ، حتى رؤى له فى المنام ، في أوائل سنة إحدى وخمسين ، أن النبى ألبسه عمامته ، وأنه ولى خطابة الحرم المكى فاستعظم عليه مثل ذلك وظن كذب الرائى . حتى كان تأويله : أن السلطان غضب على قاضى القضاه علم الذين صالح بن البلقينى فعزله يوم السنبت عاشر شهر ربيع الأخرمن السنة على وجه شنيع ، وأساء فيه القول في الملا ، وفى ابن حجر ، وتوعد الشافعية بأنه يبطل القضاة منهم . ثم أنعم بأن يستخير الله من يوليه منهم ، وأخرج عنهم أوقاف الحرمين تم أوقاف جامع ابن طولون . وعين لذلك دويداره الثاني دولات بأى المؤيدى
فطلب المباشرين لعمل الحساب وأغلظ عليهم وتجبر ، وهددهم بالسلح : هذا من غير ذنب للقاضى علم الدين يقتضى ذلك ، ولاخيانة في الأوقاف ، بل سار فيه سيرة تستكثر على هذا الزمان ، وأظهر غاية العفة في القضاء والأوقاف .
ثم عين السنفظى للقضاء عن ابن حجر يوم الاثنين ثانى عشر الشهر . ثم لم يزل يتلطف حتى رجعت إليه الأوقاف ، وأطلق المباشرين لها يوم ولايته ، يوم الخميس نصف شهر ربيع المذكور ، على وجه جميل [وعظمة] وافرة .
وكأن سكنه في درب الأتراك وهو الدرب الذى كأن سباكنا به القاياتي . فصار أولاده من بعده يشاهدون مايغمهم بكرة وأصيلا . فسبحان من يعز ويرفع ويضع ولما سلمت عليه قلت له :كأن أحاد الصحابة رضوان الله عليهم يعظ من هو أعلى منه ، فهل تأذن فى شبى] فقال : نعم [ قلت ] قد تأملت حال من يلى هذه الوظيفة ، فوجدت كبيرهم وصغيرهم ساعة ولا يته لها يأمن سنن الموت والعزل ، ثم يعمل على حسب ذلك عمل مخلد فى الدنيا وفى الوظيفة ، وقد رأيتهم أيامهم ومصارعهم ، وكيف كأن الثناء عليهم . ولأشك أن هذه الوظيفة هى نهاية ما يسأله الفقيه في هذا الزمان ، ليس بعدها إلا النقص ، إن لم يتدارك الأمر بالشكر . وقد مرت عليكم سنون متطاولة وأنتم حائمون حول البلاء ملاصقون له ، وأيكم كان قد / استحكم عنده البلاء ، ولاخلاص إلا بالخذروالاحتراس . ويكفيكم من ذلك قول النبي : اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق اللهم به ، ومن ولى من أمرهم شيئا فشق عليهم فاشقق اللهم عليه فكأنما كان ذلك له ، فقد أساء السنيرة وشق على الناس غاية المشقة بالقول والفعل ، وقطع كل الفقراء المرتبين فى الأوقات أوجلهم ، وأخرب المارستان حتى كاد أن لايرى فيه مريض ، ولم يمكن أحدا أن ينزل فيه عبدا ولا أمة حتى [ يعتق] : . وكان الناس في جميع أقطار الأرض ينتفعون بما يعمل فيه من الإشيافات والترياقات والادوية ، فقطع جميع ذلك ، مع مخالفة صريخ شرط الواقف بجميع ما فعل أحسن الحساب عجل الله تعالى إجابة دعوة نبيه فيه ، وعاجله ببلاء يرديه
ولم يزل يبالغ في العظمة من جل عن الأنداد والأكفاء ، حتى قصمة [ الله] يوم كذا ، فأخذت منه الكسوة . ثم تراجعت حاله في يوم السنبت ، ثم أحاط به البلاء يوم الأربعاء ، بعد أن كان بيت على الرسل والنواب أن يطلعوا صبح الخميس وكان يدخل إلى الحمام على هيئة زائدة النكارة ، ما سمعنا قط بأن أحدا من أدنى الأسافل ارتكب مثلها ، وهى : أنه إذا أراد دخول الحمام للتنظف قال لمستأاجره : ائتنى الليلة نصف الليل ، فيأتيه من يديه ورجليه جميع ما حذرته فكأنى كنت أنظر إلى الحمامي لايجترىء على أن يتأخر شيئا فيطرق الباب ويعلم خذمه بذلك ، فيخرج ويمشى بين يديه والشمعة موقدة ، حتى يأتى الحمام فيدخله ويغلق الباب ، وقد أوعد أربعة من البلانين ، فيخلع تيابه ويدخل بينهم ينجلى بتلك الشمعة من غير سائر يستره فإذا صار فى بيت الحرارة أخذ لحيته ووقف وقال : الطخونى ، هذا المكان حسئا ، وهذا لم تحكموا عمله ، ونحوهذا . ثم ينحنى ، ويقول : الطخوا خلقة الدير ، ويقول لأحدهم أمسك ذكرى لاتخلى عنه ، ويقول لغيره : الطخ العانة ، الطخ الانتيين : مع اللعن والسب لا يفتر عنه لسانه . فإذا فرغوا على مايريد ، أمرهم فأخذوا ورق موز قد أعدوها فيدلكون بها جلده دلكا شديدا ، فإذا قطع الدواء الشعر ، أمرهم فغسلوه غسلا منقيا : ثم يجلس فيحكون رجليه ، يتناوبونه ، بعضهم يحك وبعضهم يصب الماء ، وهو مستمر للسب واللعن : ثتم يأتونه بالسدر ونحوه فيدلكونه به ، ثم ينخنى فيقول : أذلك خلقة الدذير ، أدلك الصفحة اليسرى ، أذلك الصفحة اليمنى ، أمسك أذلك العانة ، أذلك الانتيين ، أدلك جانب الذكر الأيمن ، أدلك جانبه الأيسر ، فأعادنا ذلك ، ولا يكنى فى شيمع من ذلك حتى إذا فرغوا منه على ما أراد وخرج فإذا فرش سرير قد أعده المستأجر ، ورطل سكر ونصف رطل ماء خلاف ومشموم ، فيستعمل ذلك ويستريح ويفرغ من هذا كله عند الأسفار ، والحمام مغلق لا يستطيع أحد أن يدخلها . ثم يذهب المستأجر أمامه ببقية الشمعة ، فإذا وصل إلى الباب دفعها إلى أحد فتيانه ، ثم يزجع فيعطى البلانين أجرهم من عنده فتبلغ غرامته عليه بما يشتريه ويدفعه للبلانين من الاجرة ، ويفوت عليه من الناس في تلك الصبحة نخوأشرفيين
ناپیژندل شوی مخ