مجهول العنوان في لطيف الكلام
مجهول العنوان في لطيف الكلام
ژانرونه
الفصل الثالث وستين في أن الجواهر لم يحصل لها الوجود إلا عن عدم
قد ثبت أن كون الجوهر في محاذاة موجب عن معنى لأن كونه في المحاذيات يحصل بحسب أحوال الفاعل ولا يجوز أن يكون متعلقا به لا بواسطة، فإن ذلك يقتضي كون أحدنا قادرا على إيجاد الجواهر، كما أن من قدر على جعل الكلام خبرا قدر على إيجاده، فيجب أن يكون إنما يصح أن يحصل ذلك بالفاعل بواسطة. فإن كانت الواسطة صفة أخرى أدى تعلقها بالفاعل إلى أن يصح منا إيجاد الجواهر فلا بد من أن تكون الواسطة معنى. وقد تكرر في كتب
الشيوخ رضي الله عنهم غير هذه الطريقة، وهو أظهر من أن يخفى. وإذا كان كون الجوهر في محاذاة موجبا عن معنى ولا يصح وجود الجوهر إلا متحيزا لما ذكرناه فيما تقدم ومع التحيز لا بد من كونه في جهة والمتحيز يصح كونه في المحاذيات. فطريقة إثبات المعاني حاصلة مع وجود الجوهر في كل حال، وقد ثبت أن الجوهر لا يخلو من معنى مما قد يكون في المحاذيات، وكل معنى من ذلك محدث لصحة بطلانه عند طروء الضد على محله، والقديم لا يصح عليه العدم لأن وجوده يرجع إلى الذات ولا يتعلق بشرط، إذ لا يعقل شرطا يعلق به. فإذا صح ذلك وجب حدوث الجوهر لأنه لم يوجد إلا مع محدث، فحكمه حكمه. ولا يمكن أن
يقال أن المحدثات لا أول لها لأنه لو كان فيها قديما لم تؤد الحال في التقدم على الحال فيها مع أن القبيل محدث. ولو كان لا أول لذلك لكان ذلك مستحيلا. وقد تكرر الكلام في ذلك في مواضع، فلذلك اقتصرنا على ذكر هذا القدر. أيضا يصح أن يعرف الله تعالى بالألوان وسائر ما لا نقدر عليه بالقدر، وأن نعلم أنه قديم وأنه قادر لنفسه، فنعلم أن الأجسام ليست بقديمة وإلا وجب كونها قادرة لأنفسها أو لما يرجع إلى ذواتها لأنها كانت تكون مشاركة له تعالى في القدم الراجع إلى الذات. ودليل التمانع وغيره يدل على أنه لا يصح إثبات قادرين للذات أو قادرين لما يرجع إلى ذاتيهما. ويجب على
هذا القول كون الجواهر كلها قادرة وأن يرجع كون القادر قادرا إلى الأجزاء. وفساد ذلك أظهر من أن يخفى. وقد ذكر الشيخ أبو هاشم رح[مه] الله في ذلك أن هذا الجوهر لو كان قديما لكان فيما لم يزل في جهة وكان يكون كونه كذلك راجعا إلى الذات. وكان لا أقل من أن يستحيل خروجه عنه مع الوجود ولا جوهر إلا ويصح نقله، وعلى هذه الطريقة لا يجب إثبات الأعراض حتى يعرف ذلك. وفي ذلك نظر، وما قدمناه من الوجهين في نهاية الوضوح، وقد ذكر غير ذلك من الوجوه فيه إلا أنها لا تقوى.
الفصل الرابع وستين في بيان الوجه الذي له عدم الجوهر قبل وجوده
اعلم أن عدمه قبل الوجود قد يجب وقد لا
يجب، فالجواهر معدومة لم تزل لأن في وجودها فيما لم تزل انقلاب جنسها ووجودها على حد لا يكون القديم متقدما لها بما لا نهاية له من الأوقات لو كان أوقاتا فيه وفيه نفي حدوثها لأنه لا يصح أن يكون محدثا ولم يتقدمه القديم بما لا أول له من الأوقات لو كان أوقاتا وفي ذلك انقلاب جنسها. فأما وجودها قبل الوقت الذي وجدت فيه بأوقات محصورة فيصح بما تقدم في ذلك لأن القادر عليها لم يوجدها ووجودها، إذا كان موقوفا على القادر، فإذا لم يوجدها فليس إلا العدم. وبهذا يفارق الوجود بعد الوجود في الجواهر وما يجرى مجراها لأن وجودها بعد الوجود لا يقف على القادر حتى إذا لم يوجدها عدم، فلا بد من ضد
وما يجري مجرى الضد في ذلك. وهذا هو الفصل بين ما يقال أن الجوهر إذا كان بعد وجود اللون فيه لا يخلو من اللون لصحة بقاء الألوان ونفي حاجتها إلى أمر زائد على محلها، فإذا عدم اللون الذي في الجوهر فيجب أن يعدم بضد، والضد أيضا يصح عليه البقاء، فحاله كحالة ما لا يخلو من الألوان، فقولوا أيضا أن عدم اللون قبل وجوده عن المحل يحتاج إلى ضد، وذلك أن اللون وجوده قبل أن وجد يتعلق باختيار فاعله، فيكفي في أن لا يوجد أن لا يختار الفاعل إيجاده، وليس كذلك حاله بعد الوجود.
الفصل الخامس وستين في جواز عدم الجوهر بعد وجوده
ناپیژندل شوی مخ