حسن توجه اليه بنفسه في عسكر ضخم وعبر الفرات من الأنبار وأحاط بالحلة فتحصن الشريف أحمد بها فغدر به أهل المحلة التي كان قد اعتمد عليها، وخذله الأعراب الذين جاء بهم مددا وتفرق الناس عنه حتى بقي وحده، وملك عليه البلد فقاتل عند باب داره في الميدان قتالا لم يسمع بمثله وقتل معه أحمد بن فليتة الفارس الشجاع وأبوه فليتة، ولم يثبت معه من بني حسن غيرهما، وابتليا وقاتلا حتى قتلا.
ولما ضاق به الأمر توجه الى محلة الأكراد وقد كان نهبها مرارا وقتل جماعة من رجالها، إلا انهم لما رأوه قد خذل أظهروا له الوفاء وواعدوه النصر وتعهدوا له أن يحاربوا دونه في مضايق دروب البلد حتى يدخل الليل ثم يتوجه حيث شاء. وكان الحزم فيما أشاروا لكنه خالفهم وذهب الى دار النقيب قوام الدين بن طاوس الحسني وهو يومئذ نقيب نقباء الأشراف؛ فلما سمع الأمير الشيخ حسن بذلك أرسل اليه شيخ الاسلام بدر الدين المعروف بابن شيخ المشايخ الشيباني، وكان مصاهرا للنقيب قوام الدين بن طاوس فآمن الشريف وحلف له وأعطاه خاتم الأمان وأرسل به الى الأمير الشيخ حسن فركب الشريف معه الى الأمير الشيخ حسن وهو نازل خارج البلد ولم يكن الشريف أحمد يظن أو يخظر بباله ان الشيخ حسن يقدم على قتله، ولعمري لقد كان الشيخ حسن يهاب ذلك لجلالة الشريف ونسبه ولمكان أبيه بمكة شرفها الله تعالى وخوفا من قبح الأحدوثة والتقلد بدم مثل ذلك السيد، إلا أن بعض بني حسن أغراه بذلك وخوفه عواقبه وانه ما دام حيا لا يصفو العراق له فلما ذهب مع الشيخ بدر الدين وكان في بعض الطريق استلبوا سيفه فأحس بالشر فقال للشيخ بدر الدين: ما هذا؟ قال: لا أدري انما كنت رسولا وفعلت ما أمرت به. هذا كله والشريف غير آيس من نفسه، فلما دخل على الأمير الشيخ حسن أوصل الاعتذار فأظهر الأمير الشيخ حسن القبول منه وطالبه بأموال البلاد في المدة التي حكم فيها وهي قريب من ثماني سنوات أو أزيد، فأجاب بأنه أنفقها. فعذب تعذيبا فاحشا حتى كان يملأ الطشت من الجمر ويوضع على صدره فكان لا يجيب إلا: إني انفقت بعضها عند بعض الناس ودفنت بعضها في الأرض، لا يزيد على ذلك، فأراد الشيخ حسن إطلاقه فحذره بعض خواص الشريف فاحتال في قتله بأن جاؤا بالأمير أبي بكر بن كنجاية، وكان الشريف قد قتل أباه
مخ ۱۳۳