ظني أن تلك الحرب كانت مع الغزو- وأتوه بجمع كثير هائل؛ فلما ترائى الصفان جاءته أمه على بعير في هودج وأمرت من استدعاه لها؛ فلما أجابها قالت له: إنك قد وقفت موقفا إن ظفرت فيه أو قتلت قال الناس ظفر ابن رسول الله أو قتل ابن رسول الله، وإن هربت قال الناس هرب ابن السوداء فانظر أي الأمرين تحب أن يقال لك. فقال: جزاك الله خيرا فلقد نصحت وأبلغت. ثم ردها فقاتل قتالا لم يسمع بمثله. حتى ظفر؛ وملك مكة بعد أبي سعد الحسن بن علي بن قتادة ابنه
1 نجم الدين محمد (1) أبو نمي بن أبي سعد
؛ وفي ولده الإمارة إلى الآن.
2 وكان في غاية النجدة ونهاية الشجاعة، شارك أباه في إمارة مكة صبيا وذلك أن راجح ابن قتادة في بعض حروبه مع ابن أخيه أبي سعد استنجد أخواله من بني حسين فخرجوا لمدده في سبعمائة فارس ورئيسهم الأمير عيسى الملقب بالحرون فارس بني حسين في زمانه؛ وسمع بخروجهم أبو سعد وابنه أبو نمي بينبع فأرسل اليه يطلبه وعمر أبي نمي يومئذ سبع عشرة سنة أو أزيد بقليل، فخرج من ينبع قاصدا إلى مكة فصادف القوم سائرين اليها فلما صادفهم حمل عليهم وهم سائرون فهزمهم ورجعوا الى المدينة مغلوبين؛ وفي ذلك يقول النقيب تاج الدين أبو عبد الله جعفر بن محمد بن معية الحسني؛ وهو إذ ذاك لسان بني حسن بالعراق من قصيدة يذكر فيها تلك الواقعة ويمدح أبا نمي ويحسن أفعاله:
ألم يبلغك شأن بني حسين
وفرهم وما فعل الحرون؟
يصول بأربعين على مئين
وكم من فئة ظلت تهون
فلما قدم أبو نمي على أبيه بمكة أشركه في ملكها فلم يزل حاكما على الحجاز مع أبيه وبعده الى أن مات وقد أناف على التسعين، وقد أخرج من مكة مرارا وحارب العساكر المصرية فظفر بهم، وكان من الشجاعة بحيث لم ير مثله في عصره وكان له ثلاثون ذكرا منهم
مخ ۱۲۹