كتابُ القَضَاءِ
يَلزَمُ الإمامَ نصبُ قاضٍ في كل إقليم، واختيارُ أصلحِ مَنْ يجده له، ويأمُره بتقوى الله وتحري العدل، فيَقول: وَلَّيْتُك أو قَلَّدتُك الحُكْمَ ونحوه.
وتُفيدُ ولايةُ حُكْمٍ عَامّة فَصْل الخصومةَ، وأَخذَ الحَقِّ، ودَفعَه لِمُستحقّه، والنَّظَرَ في مَال غير رشيدٍ لا وَصِيَّ له، والحَجْرَ لِسَفَهٍ أوْ فَلَسٍ، والنَّظَر في وُقوفِ عَمله لإجرائها على وجهها، وتَنفيذَ الوصايا، وتزويجَ مَنْ لا وَلِيَّ لها، وإقامةَ جُمعَةٍ وعِيدٍ ونحوه.
وشروطُ قاضٍ كونه مُكلَّفًا ذَكرًا حُرًّا مُسْلمًا عَدْلًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتكلِّمًا مجتهدًا، ولو في مَذهَبِ إِمَامه.
ومَن حَكَّمَهُ اثنان بينهما صالحًا للقضاء نَفَذ حكمُه في المال وغيره.
فصلٌ [في أدب القاضي]
يَنبَغِي أن يَكون القَاضي قويًّا بلا عنفٍ، ليِّنًا بلا ضعف، حليمًا فطنًا عارفًا بأحكام الحُكَّام قَبلهُ.
وليكن مجلسُه وسط البلد، فسيحًا، وَلهُ القضاء في المسجدِ، ويصونه عَمَّا لا يليق فيه، ويعدل بين الخصمين في لَحْظِهِ ولَفْظِهِ ومَجْلِسِه ودُخولٍ عليه، وينبغي أن يحضر مَجْلِسَه فُقهاءُ المذاهب (١) ويشاورهم فيما يُشكل.