عمدة القاري شرح صحيح البخاري
عمدة القاري شرح صحيح البخاري
خپرندوی
شركة من العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية
ژانرونه
د حدیث علوم
(بَيَان الْمعَانِي) قَوْله كَانَ رَسُول الله ﷺ لَفْظَة كَانَ فِي مثل هَذَا التَّرْكِيب تفِيد الِاسْتِمْرَار وَأَعَادَهُ فِي قَوْله وَكَانَ مِمَّا يُحَرك مَعَ تقدمه فِي قَوْله كَانَ يعالج وَهُوَ جَائِز إِذا طَال الْكَلَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وكنتم تُرَابا﴾ الْآيَة وَغَيرهَا قَوْله فَأَنا أحركهما لَك وَفِي بعض النّسخ لكم وَتَقْدِيم فَاعل الْفِعْل يشْعر بتقوية الْفِعْل ووقوعه لَا محَالة قَوْله فَقَالَ ابْن عَبَّاس ﵁ إِلَى قَوْله فَأنْزل الله جملَة مُعْتَرضَة بِالْفَاءِ وَذَلِكَ جَائِز كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(وَاعْلَم فَعلم الْمَرْء يَنْفَعهُ ... أَن سَوف يَأْتِي كل مَا قدرا)
فَإِن قلت مَا فَائِدَة الِاعْتِرَاض. قلت زِيَادَة الْبَيَان بِالْوَصْفِ على القَوْل فَإِن قلت كَيفَ قَالَ فِي الأول كَانَ يحركهما وَفِي الثَّانِي بِلَفْظ رَأَيْت قلت الْعبارَة الأولى أَعم من أَنه رأى بِنَفسِهِ تَحْرِيك رَسُول الله ﷺ أم سمع أَنه حركهما كَذَا قَالَ الْكرْمَانِي وَلَا حَاجَة إِلَى ذَلِك لِأَن ابْن عَبَّاس ﵄ لم ير النَّبِي ﷺ فِي تِلْكَ الْحَالة لِأَن سُورَة الْقِيَامَة مَكِّيَّة بِاتِّفَاق وَلم يكن ابْن عَبَّاس إِذْ ذَاك ولد لِأَنَّهُ ولد قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وَالظَّاهِر أَن نزُول هَذِه الْآيَات كَانَ فِي أول الْأَمر وَلَكِن يجوز أَن يكون النَّبِي ﷺ أخبرهُ بذلك بعد أَو أخبرهُ بعض الصَّحَابَة أَنه شَاهد النَّبِي ﷺ. وَأما سعيد بن جُبَير فَرَأى ذَلِك من ابْن عَبَّاس بِلَا خلاف وَمثل هَذَا الحَدِيث يُسمى بالمسلسل بتحريك الشّفة لَكِن لم يتَّصل بسلسلة وَقل فِي المسلسل الصَّحِيح وَقَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت الْقُرْآن يدل على تَحْرِيك رَسُول الله ﷺ لِسَانه لَا شَفَتَيْه فَلَا تطابق بَين الْوَارِد والمورود فِيهِ. قلت التطابق حَاصِل لِأَن التحريكين متلازمان غَالِبا أَو لِأَنَّهُ كَانَ يُحَرك الْفَم الْمُشْتَمل على اللِّسَان والشفتين فَيصدق كل مِنْهُمَا وَتَبعهُ بعض الشُّرَّاح على هَذَا وَهَذَا تكلّف وتعسف بل إِنَّمَا هُوَ من بَاب الِاكْتِفَاء وَالتَّقْدِير فِي التَّفْسِير من طَرِيق جرير فَكَانَ مِمَّا يُحَرك شَفَتَيْه وَلسَانه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿سرابيل تقيكم الْحر﴾ أَي وَالْبرد وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير من طَرِيق جرير فَكَانَ مِمَّا يُحَرك لِسَانه وشفتيه والملازمة بَين التحريكين مَمْنُوعَة على مَا لَا يخفى. وتحريك الْفَم مستبعد بل مُسْتَحِيل لِأَن الْفَم اسْم لما يشْتَمل عَلَيْهِ الشفتان وَعند الْإِطْلَاق لَا يشْتَمل على الشفتين وَلَا على اللِّسَان لَا لُغَة وَلَا عرفا فَافْهَم قَوْله كَمَا كَانَ قَرَأَ وَفِي بعض النّسخ كَمَا كَانَ قَرَأَهُ بضمير الْمَفْعُول أَي كَمَا كَانَ قَرَأَ الْقُرْآن وَفِي بَعْضهَا كَمَا قَرَأَ بِدُونِ لَفْظَة كَانَ (الأسئلة والأجوبة) مِنْهَا مَا قيل مَا كَانَ سَبَب معالجة الشدَّة وَأجِيب بِأَنَّهُ مَا كَانَ يلاقيه من الكد الْعَظِيم وَمن هَيْبَة الْوَحْي الْكَرِيم قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلا﴾ وَمِنْهَا مَا قيل مَا كَانَ سَبَب تَحْرِيك لِسَانه وشفتيه. وَأجِيب بِأَنَّهُ كَانَ يفعل ذَلِك لِئَلَّا ينسى وَقَالَ تَعَالَى ﴿سنقرؤك فَلَا تنسى الْأَعْلَى﴾ وَقَالَ الشّعبِيّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من حبه لَهُ وحلاوته فِي لِسَانه فَنهى عَن ذَلِك حَتَّى يجْتَمع لِأَن بعضه مُرْتَبِط بِبَعْضِه وَمِنْهَا مَا قيل مَا فَائِدَة المسلسل من الْأَحَادِيث وَأجِيب بِأَن فَائِدَته اشتماله على زِيَادَة الضَّبْط واتصال السماع وَعدم التَّدْلِيس وَمثله حَدِيث المصافحة وَنَحْوهَا (استنباط الْأَحْكَام) مِنْهُ الِاسْتِحْبَاب للمعلم أَن يمثل للمتعلم بِالْفِعْلِ ويريه الصُّورَة بِفِعْلِهِ إِذا كَانَ فِيهِ زِيَادَة بَيَان على الْوَصْف بالْقَوْل وَمِنْه أَن أحدا لَا يحفظ الْقُرْآن إِلَّا بعون الله تَعَالَى وَمِنْه وفضله قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مُذَكّر الْقَمَر و٢٢﴾ وَمِنْه فِيهِ دلَالَة على جَوَاز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْخطاب كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَذَلِكَ لِأَن ثمَّ تدل على التَّرَاخِي كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي قلت تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة مُمْتَنع عِنْد الْكل إِلَّا عِنْد من جوز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق وَأما تَأْخِيره عَن وَقت الْخطاب إِلَى وَقت الْحَاجة فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى جَوَازه وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَقَالَ الصَّيْرَفِي والحنابلة مُمْتَنع وَقَالَ الْكَرْخِي بالتفصيل وَهُوَ أَن تَأْخِيره عَن وَقت الْخطاب مُمْتَنع فِي غير الْمُجْمل كبيان التَّخْصِيص وَالتَّقْيِيد والنسخ إِلَى غير ذَلِك وَجَائِز فِي الْمُجْمل كالمشترك. وَقَالَ الجبائي تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْخطاب مُمْتَنع فِي غير النّسخ وَجَائِز فِي النّسخ
٥ - (حَدثنَا عَبْدَانِ قَالَ أخبرنَا عبد الله قَالَ أخبرنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ ح وَحدثنَا بشر بن مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عبد الله قَالَ أخبرنَا يُونُس وَمعمر عَن الزُّهْرِيّ نَحوه قَالَ أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله ﷺ أَجود النَّاس وَكَانَ أَجود
1 / 73