٨٤٠- وقيل للعتابي: ما البلاغة؟ فقال: كل من أفهمك حاجته من غير إعادةٍ ولا حبسةٍ ولا استعانةٍ فهو البليغ. قيل: ما الاستعانة؟ قال: اسمع مني، وافهم عني، أو لست تفهم عني؛ كل هذا عيٌ وفسادٌ.
٨٤١- قال المأمون: سمعت الرشيد يقول: البلاغة التباعد عن الإطالة، والتقرب من معنى البغية، والدلالة بالقليل من اللفظ على المعنى.
٨٤٢- وقيل لعمرو بن عبيدٍ: ما البلاغة؟ قال: ما أبلغك الجنة وعدل بك عن النار، وما بصرك مواقع رشدك وعواقب غيك؛ قال السائل: ليس هذا أريد؛ قال: من لم يحسن أن يسكت لم يحسن أن يسمع، ومن لم يحسن الاستماع لم يحسن القول؛ قال: ليس هذا أريد؛ قال: قال النبي ﷺ: «إنا معشر الأنبياء بكاءٌ»، وكانوا يكرهون أن يزيد منطق الرجل على عقله؛ قال له: ليس هذا أريد؛ قال: كانوا يخافون من فتنة القول ومن سقطات الكلام ما لا يخافون من فتنة السكوت وسقطات الصمت؛ قال له: ليس هذا أريد؛ قال: فكأنكم تريدون تخير اللفظ في حسن إفهامٍ، إنكم إذًا أردتم تقرير حجة الله في عقول المتكلفين، وتخفيف المؤونة على المستمعين، وتزيين تلك المعاني في قلوب المريدين بالألفاظ