190

العمدة په محاسن الشعر او آدابه کې

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

ایډیټر

محمد محيي الدين عبد الحميد

خپرندوی

دار الجيل

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

قال ابن قتيبة: وللشاعر أوقات يسرع فيها أتيه، ويسمح فيها أبيه: منها أول الليل قبل تغشي الكرى، ومنها صدر النهار قبل الغداء، ومنها يوم شرب الدواء، ومنها الخلوة في الحبس والمسير، ولهذه العلل تختلف أشعار الشاعر ورسائل المترسل.
وحكى عن أبي تمام وقد سأله البحتري عن أوقات صنعة الشعر قريب من هذا لا أحفظه نصًا، ولا أشك أن ابن قتيبة به اقتدى، إن كان مما رواه.
ومما يجمع الفكرة من طريق الفلسفة استلقاء الرجل على ظهره، وعلى كل حال فليس يفتح مقفل بحار الخواطر مثل مباكرة العمل بالأسحار عند الهبوب من النوم؛ لكون النفس مجتمعة لم يتفرق حسها في أسباب اللهو أو المعيشة أو غير ذلك مما يعييها، وإذ هي مستريحة جديدة كأنما أنشئت نشأة أخرى؛ ولأن السحر ألطف، وأرق نسيمًا هواءً، وأعدل ميزانًا بين الليل والنهار، وإنما لم يكن العشي كالسحر وهو عديله في التوسط بين طرفي الليل والنهار لدخول الظلمة فيه على الضياء بضد دخول الضياء في السحر على الظلمة، ولأن النفس فيه كالة مريضة من تعب النهار وتصرفها فيه، ومحتاجة إلى قوتها من النوم متشوقة نحوه؛ فالسحر أحسن لمن أراد أن يصنع، وأما لمن أراد الحفظ والدراسة وما أشبه ذلك فالليل، قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: " إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلا " وهذا الكلام

1 / 208