172

فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يكشف عن الرجال، فيضعف ويقوي، فقلت: "من هذا"؟ لمن كان قربي، فقال: "هذا يحيى بن معين"، فرأيت فرجة قد انفرجت قربه، فقمت إليه فقلت له: "أبا زكريا رحمك الله، رجل غريب نائي الدار، أردت السؤال فلا تستخفني"، فقال لي: "قل"، فسألته عن بعض من لقيت من أهل الحديث، فبعضا زكى، وبعضا جرح.

فسألته في آخر السؤال عن هشام بن عمار، وكنت قد أكثرت من الأخذ منه، فقال: "أبو الوليد هشام بن عمار صاحب صلاة، دمشقي ثقة وفوق الثقة، لو كان تحت ردائه كبر وتقلد كبرا ما ضره شيئا لخيره وفضله"، فصاح أهل الحلقة: "يكفيك رحمة الله عليك، غيرك له سؤال".

فقلت: وأنا واقف على قدمي: "أكشفك عن رجل واحد: أحمد بن حنبل؟ "، فنظر إلي يحيى بن معين كالمتعجب وقال لي: "ومثلنا نحن يكشف عن أحمد بن حنبل؟! إن ذاك إمام المسلمين، وخيرهم، وفاضلهم".

ثم خرجت أستدل على منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه، فقرعت بابه، فخرج إلي وفتح الباب، فنظر إلى رجل لم يعرفه، فقلت: "يا أبا عبد الله رجل غريب الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث ومقيد سنة -أي: جامع سنة-، ولم تكن رحلتي إلا إليك"، فقال لي: "ادخل الأسطوان، ولا تقع عليك عين".

مخ ۱۷۵