164

قال ابن القاسم: (وأنخت بباب مالك سبع عشرة سنة، ما بعت فيها ولا اشتريت شيئا، قال: فبينما أنا عنده، إذ أقبل حاج مصر، فإذا شاب متلثم دخل علينا، فسلم على مالك، فقال: "أفيكم ابن القاسم؟ فأشير إلي، فأقبل يقبل عيني، ووجدت منه ريحا طيبة، فإذا هي رائحة الولد، وإذا هو ابني"، وكان ابن القاسم ترك أمه حاملا به، وكانت ابنة عمه، وقد خيرها عند سفره لطول إقامته، فاختارت البقاء).

وقال أبو يعلى الموصلي:

اصبر على مضض الإدلاج بالس ... حر وبالرواح على الحاجات والبكر

لا تعجزن ولا يضجرك مطلبها ... فالنجح يتلف بين العجز والضجر

إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقل من جد في أمر يطالبه ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

حكى شيخ الإسلام النووي -رحمه الله- عنه شيخه الإمام الجليل أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي قال: سمعت الشيخ عبد العظيم -رحمه الله - يقول: "كتبت بيدي تسعين مجلدة، وكتبت سبعمائة جزء"، كل ذلك من علوم الحديث تصنيف غيره، وكتب ذلك من مصنفاته وغيرها أشياء كثيرة، قال النووي: (قال شيخنا: "ولم أر، ولم أسمع أحدا أكثر اجتهادا منه في الاشتغال، كان دائم الاشتغال في الليل والنهار"، قال: وجاورته في المدرسة -يعني بالقاهرة حماها الله - بيتي فوق بيته اثني عشر سنة، فلم أستيقظ في ليلة من الليالي، في ساعة من ساعات الليل إلا وجدت ضوء السراج في بيته، وهو مشتغل بالعلم، وحتى كان في حال الأكل والكتاب والكتب عنده يشتغل فيها) اه.

فنورهم من جدهم وسهرهم، كالحافظ الضياء أبو محمد المقدسي:

مخ ۱۶۷