وكنت أرى قد تناهى بي الهوى ... إلى غاية ما بعدها لي مذهب فلما تلاقينا وعاينت حسنها ... تيقنت أني إنما كنت ألعب
فالمكارم منوطة بالمكاره، والسعادة لا يعبر إليها إلا على جسر المشقة، فلا نقطع مسافتها إلا في سفينة الجد والاجتهاد.
قال مسلم في "صحيحه": قال يحيى بن أبي كثير: "لا ينال العلم براحة الجسم"، وقد قيل: "من طلب الراحة، ترك الراحة".
فيا واصل الحبيب أما إليه ... بغير مشقة أبدا طريق؟!
ولولا جهل الأكثرين بحلاوة هذه اللذة وعظم قدرها لتجالدوا عليها بالسيوف، ولكن حفت بحجاب من المكاره، وحجبوا عنها بحجاب من الجهل، ليختص الله لها من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم) اه.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-:
(حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه).
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ... لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقد كان أهل العلم -رحمهم الله تعالى- يلاقون المصاعب. والشدائد في تحصيلهم للعلم، نصح الإمام ابن هشام النحوي، صاحب كتاب "القطر" و"المغني" وغيرهما، طلبة العلم بالصبر على مشاق العلم والتحصيل، إذ هو شرط في نيل المراد العزيز الغالي، فيقول:
ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ... ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
مخ ۱۴۳