المجلد الأول
مقدمة
...
المقدمة:
الحمد لله منزل القرآن نورًا وشفاءً، والصلاة والسلام على سيد الرسل وخاتم الأنبياء، على آله الأصيفاء، وأصحابه النبلاء، ومن اقتفى أثرهم من المفسرين والمحدثين والفقهاء، وسائر العلماء وبعد:
فلما كان الإنسان مسافرًا في هذه الحياة، كان لا بد من دليل يرشده في مسالكها، ويعرفه بأخطارها، ويبين له ما سينقلب إليه، ويقبل عليه، من دار أخرى فيها النعيم للمتقين، والجحيم للخائضين المعرضين.
وقد أرسل الله رسلًا كرامًا وأنزل عليهم كتبًا، تنير الطريق، وتعصم السالكين، إلى أن ختم الأنبياء بسيدهم الهادي البشير محمد ﷺ، وأيده بمعجزاته وأنزل عليه كلماته وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ ١ وقال: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ٢
_________
١ من سورة النساء، الآية ١٧٤-١٧٥.
٢ من سورة المائدة، الآية ١٥-١٦.
1 / 5
وقد بلغ صلوات الله وسلامه عليه الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ودعا إلى الله بحاله، وقاله، فاستنارت الدنيا بهديه، وأشرقت الظلمات بسنته، وطابت الحياة بأيامه وأحكامه، وقد ترك فينا من إن تمسكنا به فلن نضل؛ كتاب الله وسنته١، ومن هنا كان من المحتم على الأمة الاعتصام بهما، والورود إليهما والصدور عنهما.
ولا بد لذلك من الإقبال على درسهما، والبحث الدائم عن أسرارهما، والتطلع الدائم إلى أحكامهما وإرشاداتهما، فهما العالم المحقق واللبات المصفى يقول الحافظ ابن حجر:
"إن أولى ما صُرفت فيه نفائس الأيام، وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام الاشتغال بالعلوم الشرعية، المتلقاة عن خير البرية، ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنة نبيه المصطفى، وأن باقي العلوم إما آلات لفهمها وهي الضالة المطلوبة، أو أجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة"٢.
وما من ريب في أن علم التفسير أفضل العلوم:
يقول الإمام أبو الفرج بن الجوزي "ت٥٧٩هـ":
"لما كان القرآن العزيز أشرف العلوم، كان الفهم لمعانيه أوفى الفهوم؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم"٣.
وقد روى أبو الليث السمرقندي٤ بسنده إلى عبد الله بن مسعود ﵁
_________
١ روى الحاكم في "المستدرك" "١/ ٩٣" بسنده عن ابن عباس عن رسول الله ﷺ أنه قال في خطبة الوداع: "إني قد تركت فيكم من إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا: كتاب الله وسنة نبيه ... " وفيه كلام انظره فيه.
٢ "هدي الساري" "ص٣".
٣ "زاد المسير في علم التفسير" "١/ ٣".
٤ انظر "تفسيره" "١/ ٢٠٤".
1 / 6
أنه قال: "من أراد العلم فليثر القرآن، وفي رواية أخرى: فليثور١ القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين"٢.
وهو المراد بالحكمة:
فقد أخرج ابن حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ﴾ ٣ قال: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله٤.
وأخرج عن أبي الدرداء أيضًا: "يؤتي الحكمة" قال: قراءة القرآن والفكرة فيه٥. فمن علمه الله علم كتاب فقد أنعم عليه فليفرح وليشكر، ومن حرمه الله فذاك محروم فليتب وليقبل.
يقول عمرو بن مرة: ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنتني؛ لأني سمعت الله يقول: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ ٦.
_________
١ قال ابن الأثير في "النهاية" "١/ ١٣٨": "أي: لينقر عنه، ويفكر في معانيه وتفسيره وقراءته".
٢ قال الزركشي في "البرهان" "١/ ٨": "رواه البيهقي في "المدخل" وقال: أراد به أصول العلم".
٣ من سورة "البقرة"، الآية "٢٦٩".
٤ انظر "الإتقان" للسيوطي "٢/ ١٧٥" ونقل منه -ولم يصرح- طاش كبري زاده في "مفتاح السعادة ومصباح السيادة" "٢/ ٥٧٧-٥٧٨".
٥ المصدر السابق.
٦ من سورة العنكبوت، الآية "٤٣" وهذا القول أخرجه عنه ابن أبي حاتم كما في "الإتقان" "٢/ ١٧٥" و"مفتاح السعادة" "٢/ ٥٧٨" ويوجد بهذا الاسم: "عمرو بن مرة" رجلان: صحابي وتابعي انظر "تقريب التهذيب" ص"٤٢٦-٤٢٧" و"طبقات الحفاظ" للسيوطي ص"٤٦" ولم يتبين لي المقصود الآن لعدم وجود السند كاملًا.
وقال ابن كثير في تفسير قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ "١/ ٦٥": "قال بعض السلف: إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي؛ لأن الله قال: ﴿تِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ .
1 / 7
ويقول الإمام الحافظ سفيان بن عيينة "ت: ١٩٨" في قوله تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ ١: أنزع عنهم فهم القرآن، وأصرفهم عن آياتي٢.
ومن علم التفسير اهتدى لمراد الله، وقام بأمره وفاز برضاه.
يقول التابعي الجليل القاضي إياس بن معاوية "ت: ١٢٢":
"مثل الذين يقرءون القرآن ولا يعرفون تفسيره، كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلًا وليس عندهم مصباح، فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح، فقرءوا ما في الكتاب"٣.
وكان السلف صحابة وتابعين أحرص الناس على تحصيل علمه، والاستنارة بفهمه، والترغيب بالوقوف على معانية، والتنفير من الجهل بمراميه:
أخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن بريدة، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: لو أني أعلم إذا سافرت أربعين ليلة أعربت آية من كتاب الله لفعلت٤. وأخرج أبو ذر الهروي في "فضائل القرآن" من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: الذي يقرأ القرآن ولا يحسن تفسيره كالأعرابي الشعر هذا٥.
_________
١ من سورة "الأعراف"، الآية "١٤٦".
٢ انظر "تفسير" ابن كثير "٢/ ٢٧٤".
٣ انظر "المحرر الوجيز" لابن عطية "١/ ٢٦" و"الجامع" للقرطبي "١/ ٢٦-٢٧" ومثله تقريبًا في "زاد المسير" "١/ ٤".
٤ انظر "الإتقان" "٢/ ٢٧٥".
٥ المصدر السابق "٢/ ١٧٥" وقوله ابن عباس دون مصدر في "المحرر الوجيز" "١/ ٢٦".
1 / 8
وقال الإمام الشعبي: رحل مسروق بن الأجدع "ت: ٦٢" إلى البصرة في تفسير آية: فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى بلاد الشام، فتجهز ورحل إليه، حتى علم تفسيرها١.
وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بمن أنزل٢.
والحرص البالغ على القرآن ومدارسته هو الذي دفع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ إلى ترك تدوين السنة:
فقد روى البيهقي في "المدخل" عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار في ذلك أصحاب النبي ﷺ فأشاروا عليه أن يكتبها. فطفق عمر يستخير الله، ثم أصبح يومًا وقد عزم الله له، فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قومًا كانوا قبلكم، كتبوا كتبًا فأكبوا عليه وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدًا٣.
ومن هذا نفهم أيضًا ما رواه الحاكم في "مستدركه"٤ عن قَرَظَة٥ بن كعب قال:
"خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر بن الخطاب إلى "صرار"٦ فتوضأ ثم قال: أتدرون لِمَ مشيت معكم؟ قالوا: نعم نحن أصحاب رسول الله ﷺ مشيت معنا.
_________
١ "المحرر الوجيز" "١/ ٢٦" و"الجامع" للقرطبي "١/ ٢١".
٢ انظر المصدرين السابقين.
٣ انظر "تدريب الراوي" للسيوطي "٢/ ٦٧-٦٨".
٤ في كتاب "العلم" "١/ ١٠٢".
٥ هكذا ضبط اسمه الفيروزآبادي في "القاموس" ص"٩٠١" وابن حجر في ترجمته له في "الإصابة" "٣/ ٢٣١".
٦ صرار: ككتاب: موضوع بقرب المدينة كما في "القاموس" ص"٥٤٣".
1 / 9
قال: إنكم تأتون قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تبدؤنهم بالأحاديث فيشغلونكم١، جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله ﷺ، وامضوا أنا شريككم.
فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا. قال: نهانا ابن الخطاب".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ... ووافقه الذهبي.
ومما يؤسف عليه قلة العناية بالتفسير على الوجه المرضي الذي يستحقه، وهذا الإمام الذهبي في القرن الثامن "توفي سنة ٧٤٨هـ" يقول: "قلَّ من يعتني اليوم بالتفسير ... "٢ وهذا السيد بدر الدين الحلبي في القرن الرابع عشر يقول: "طلاب العلوم الشرعية أقل الناس عناية بالتفسير وأزهدهم فيه، فالطالب الذي يصرف عشر سنوات من عمره في تعلم النحو من حواشي المتأخرين، أو بالحري يمضي عشر سنوات في قراءة قيل وقال، وأعترض وأجيب، مما ليس بعلم من العلوم، يضن على كتاب الله قانون دينه ومبدأ سعادة البشر في النشأتين بسنة يصرفها في قراءة تفسير من تفاسيره اللطيفة الموثوق بها، والمعلومة درجة مؤلفيها وطبقتهم بين العلماء"٣.
وقد مَنَّ الله عليَّ -ومننه لا تحصى فله الحمد- فجعلني من طلبة العلم وخدمة الشريعة ثم وفقني للتخصص بعلم التفسير وذلك عبء أسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعينني عليه، ويلهمني السداد والرشاد فيه ويجعلني من الشاكرين له حق شكره.
_________
١ أورد الزركشي هذا الأثر مختصرًا -ولم يبين مخرجه- وهذه العبارة فيه هكذا: "فلا تشغلوهم بالأحاديث فتصدوهم" انظر "البرهان" "١/ ٤٨٠".
٢ بيان زغل والطلب ص"١٩".
٣ نقل كلامه الشيخ قاسم القيسي في "تاريخ التفسير" ص"١٢٥" من كتابه "التعليم والإرشاد".
1 / 10
وقد كتب ﷾ لي في مرحلة الماجستير، أن أدرس "التفسير الحديث" للأستاذ محمد عزة دَرْوَزَة وهو من المعاصرين المعمرين ﵀.
ورأيت في المرحلة اللاحقة أن أعود إلى الأعماق، وأن أخذم أثرًا من آثار أحد أعلام الأمة الكبار، وهو شيخ الإسلام الحافظ الناقد الجبل أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني أشهر علامة في القرن التاسع الهجري، تقديرًا له وترحمًا عليه، وشكرًا لما أسداه للعلم والدين والأمة، وانتفاعًا بعلمه الواسع واطلاعه الغزير وفهمه الثاقب.
وقد وقع الاختيار على كتابه "العجاب في بيان الأسباب" لخدمته ودراسته والكشف عن منهجه وموارده وإظهاره إلى علم النور وتيسير وصول أيدي الباحثين والدارسين والمثقفين إليه بعد أن مر على تأليفه ستة قرون ظل فيها راقدًا في خزائن المخطوطات، وقد كنت في رسالتي للماجستير قلت عنه: "وليت له من يخدمه وينشره"١ فالحمد لله أن وفقني لذلك، وسهله لي.
وكنت قد تطلبت الوقوف عليه مذ رأيت ابن حجر يحيل عليه في استكمال مباحث ذكرها في كتابه "الإصابة".
والذي دعاني إلى اختياره أسباب هي:
١- أنه أوسع كتاب وقفت عليه في حشد أسباب النزول المنقول والمقولة، فأشهر كتاب وصل إلينا من القدماء، كتاب الواحدي وفيه إلى الآية "٧٨" من سورة النساء: "١٥٥" عنوانًا، ونجد في هذا الكتاب "٣٢٠" عنوانًا، وإن نوزع في قسم مما أورد.
وهو في كل هذا يسهب في إيراد الطرق المتفقة والمختلفة، مع الحكم على
_________
١ التفسير الحديث للأستاذ محمد عزة دروزة: دراسة وتحليل ص"١٩٠".
1 / 11
الأسانيد والرواة، وبيان الوصل والإرسال والنكارة والشذوذ وغير ذلك، وقد قدم في المقدمة "فصلًا جامعًا" عن حال المفسيرين وطرق التفسير أغناه عن كثير من التكرير، وهو فصل مهم جدًّا يهدي المشتغل بالتفسير وغيره في رجوعه إلى التفاسير وإفادته منها.
٢- أننا نجد في هذا الكتاب نقولًا من تفاسير تعد الآن مفقودة كتفسير الفريابي، وسنيد، وإسحاق بن راهوية، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ ابن حيان وابن شاهين، وابن مردويه وغيرهم ونقولًا من تفاسير لم تطبع إلى الآن كتفسير يحيى بن سلام، وعبد الرزاق، والثعلبي، "الوسيط" للواحدي، وابن ظفر، والمرسي، وغيرها، ونقولًا من كتب السنة كثيرة ومنها ما هو مفقود الآن أو مخطوط أيضًا، وفي الوقوف على هذه النصوص فائدة كبرى للباحثين والدارسين ومتعة لا تقدر.
٣- ضرورة العناية بتراث ابن حجر المخطوط والمطبوع على حد سواء ففي كل شيء كتبه فائدة يتعين الوقوف عليها والإفادة منها، وما يزال عدد من مؤلفاته -التي وصلت إلينا- راقدًا على رفوف الخزائن لم ير النور.
وكثير مما طبع منه بحاجة إلى إعادة طبعه محققًا مفهرسًا يبين منهجه وتُستخرج موراده ويُشار إلى فوائده. ومن هذا المطبوع: "فتح الباري" و"التلخيص الحبير" و"تهذيب التهذيب" وغيرها.
٤- أن هذا الكتاب يبحث في موضوع مهم يتعلق بالقرآن الكريم وهو علم أسباب النزول الذي يبين لنا الظرف الزماني والمكاني لنزول الآية، وما بي من حاجة هنا إلى بيان أهمية هذا العلم، إذ تكلمت على ذلك في الدارسة التي صدرت بها الكتاب.
وحسبي أن أستأنس هنا بالرواية التي تقول: إن النبي ﷺ كان يكرم عبد الله
1 / 12
ابن أم مكتوم الذي نزلت فيه: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ ويقول له: "مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي " ١. وفي ذلك اهتمام بمن نزلت فيه الآيات وتعريف به وإظهار له، وهذا هو علم أسباب النزول بعينه، على أن لنا في عموم قوله ﷺ: "بلغوا عني ولو آية" ٢ ما يمكن الاستدلال به على ذلك، إذ كان علم أسباب النزول قائمًا على النقل المرفوع الصحيح٣.
ولولا هذا العلم لزلت الأقدام وكبت الأفهام، وبالجهل به هلك الخوارج وكان ابن عمر ﵄ يراهم شرار خلق الله. وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين٤.
ومن اللطائف أن الحافظ الإمام أحمد بن علي الدلجي المصري "ت٨٣٧هـ" قال عن الصحابة في حديث عن العلوم الإسلامية: إنهم تلقوا "أصولها من حضرته ﷺ ومشاهدتهم الوحي، وتفقههم بأسباب النزول وما أفاضته عليهم أنوار النبوة".
_________
١ أخرج هذا الخبر: ابن أبي حاتم من رواية العوفي عن ابن عباس، وذكره الثعلبي بلا إسناد كما في "تخريج أحاديث الكشاف" لابن حجر "٤/ ٧٠٠".
وكذلك ذكره بلا إسناد: الواحدي في "أسباب النزول" "ص٤٧٩" وابن الجوزي في "زاد المسير" "٢٦/ ٩-٢٧" وبدأه بقوله: "قال المفسرون". وذكره الرازي في "تفسيره" "٣١/ ٥٥" والقرطبي في "الجامع" "١٣٩/ ٩"، وعلقه عن الثوري، والسيوطي في "الجلالين" "ص٧٩١" والبروسوي في "روح البيان" كما في "تنوير الأذهان" "٤٩٢/ ٤"، والصابوني في "صفوة التفاسير" "٥١٩/ ٣" وعزاه إلى "حاشية الصاوي على الجلالين".
٢ رواه البخاري في كتاب "حديث الأنبياء" باب ما ذكر عن بني إسرائيل. انظر "الفتح" "٢/ ٤٩٦".
٣ ومن المستغرب جدًّا أن يقول الباحث عبد الرحيم أبو علبة في كتابه "أسباب نزول القرآن" ص"٩٠": "ومن الجدير بالذكر كذلك أنه لم يرد عن الرسول ﷺ أنه لفت الأنظار إلى علم أسباب النزول، ولا طلبه، ولم توجد آيات وأحاديث بهذا الخصوص ... إلخ".
٤ علقه البخاري ووصله ابن حجر انظر تعليقي على الآية "٤" من سورة آل عمران.
1 / 13
فقد جعل تفقههم بأسباب النزول من أصول العلم وقد مدح أحد أساتذة المدرسة المستنصرية المحدث المقرئ أبو الفتح مصدق البغدادي "ت٦٧٧هـ" بأنه كان "عارفًا بالتفسير وأسباب النزول"١.
٥- إن هذا الكتاب يبالغ في استقصاء الأسانيد، وعزو الأقوال إلى قائليها، وبيان مصادر الروايات، ويلاحق الواحدي وغيره في إظهار مآخذهم، وذكر المؤاخذات، عليهم. والعلوم الإسلامية في قائمة الإسناد٢. وكلما ازداد ضيق القارئ اليوم بالأسانيد ازدادت فرحة الدارسين العارفين بقيمة الإسناد، واشتد حفولهم وتقديرهم لمن يعتني بإيرادهم والكلام عليها.
وقد أهمل عدد من المفسرين الأسانيد وأوردوا الأقوال مرسلة فاختلط القوي بالضعيف، والصحيح بالمكذوب ومنهم:
١- الماوردي في تفسيره "النكت والعيون".
٢- والزمخشري في "الكشاف".
٣- وابن الجوزي في "زاد المسير".
٤- والرازي في "مفتاح الغيب".
٥- والبيضاوي في "أنوار التنزيل".
٦- والنسفي في "مدارك التأويل".
_________
١ "تلخيص مجمع الآادب" لابن الفوطي "٥/ ٣١٤" عن تاريخ علماء المستنصرية للدكتور ناجي معروف "١/ ١٧٦".
٢ انظروا لزامًا الكتاب المهم: "الإسناد من الدين مشرقة من تاريخ الحديث عند المحدثين". للأسناد الشيخ عبد الفتاح أبو غُدَّة.
1 / 14
٧- وأبو حيان في "البحر المحيط".
وغيرهم فإنهم أغفلوا الإسناد تماما! وإذا عذر من لم يكن الحديث من فنونه فما القول في ابن الجوزي وهو الحافظ المؤلف في الموضوعات والواهيات والضعفاء؟
وما القول في أبي حيان وهو الذي انتقد المفسرين فقال: "وكذلك ذكروا ما لا يصح من أسباب نزول وأحاديث في الفضائل وحكايات لا تناسب، وتورايخ إسرائيلية، ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير"١.
٦- و"العجاب" -هذا الكتاب الموسوعة في بابه- هو واحد من كتب أخرى ألفها الحافظ ابن حجر في علم التفسير وهي:
١- الإتقان في فضائل القرآن٢.
٢- الإحكام لبيان ما في القرآن من الإبهام: جمع في كتابي السهيلي وابن عسكر٣.
٣- تجريد التفسير من صحيح البخاري: رتبه على السور منسوبًا لمن نقل عنه٤.
_________
١ "البحر المحيط" "١/ ٥" ونقله السيوطي في "الإتقان" "النوع ٧٨" "٢/ ١٨٦" ولم يبين مصدره وعنه نقله الأستاذ الدكتور عبد الستار حامد في "مباحث في علم التفسير" ص"٩٦" ومنه أفدت هذا النص.
٢ انظر عنوان "الزمان" للبقاعي "١/ ٥٢" و"نظم العقيان" للسيوطي ص"٤٧" و"كشف الظنون" للحاج خليفة "١/ ٨".
٣ "كشف الظنون" "١/ ٢".
٤ انظر: "ابن حجر العسقلاني" للدكتور شاكر محمود "١/ ٢٨٥" وهناك عمل لإعادة صياغة هذا الكتاب على ضوء ما وصف به انظر: "القواعد المنهجية في التنقيب عن المفقود من الكتب والأجزاء التراثية" للدكتور حكمت بشير ياسين ص"٢٠-٢١".
1 / 15
٤- كتاب في المتشابهات١.
وهذا الجانب غير معروف من جوانب شخصية ابن حجر، فهو بحاجة إلى دراسة وتجلية، وسيأتي معنا إنه درس التفسير في "الحسنية والمنصورية" من مدارس القاهرة٢ وقد قال فيه الشيخ القاضي أبو محمد عبد الكريم بن محمد الهيثمي من إرجوزة:
يتيقن ما يلقيه من دروس ... برتبة تعظم في النفوس
إن درس التفسير فهو آية ... والفقه منه تسمع الحكاية٣
وقال فيه تليمذه الإمام البقاعي:
"الذي إن سلك بحر التفسير كان الترجمان"٤.
وقال تلميذه الأمير تغري برمش:
"جمع الله له التفسير والحديث والشعر والأدب"٥.
وكان يظهر التأسف في إهماله تقييد ما يقع له من ذلك، مما لا يكون منقولًا،
_________
١ المصدر السابق قد نقل عن السخاوي قوله عنه: "وسمعت من يذكر أن شيخنا لخص ذلك من كتاب "درة التنزيل وغرة التأويل" الذي كتبه إبراهيم بن علي بن محمد المعروف بابن أبي الفرج الأردستاني من إملاء أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب وزاد شيخنا عليه مواضع، كما أخبرني من وقف عليه، والظاهر أن بعضهم أخفاه فلا حول ولا قوة إلا بالله".
٢ "الضوء اللامع" "٢/ ٣٨".
٣ انظر "الجواهر والدرر" للسخاوي "١/ ٤٦٨" والبيتان من أرجوزة عمل فيها صداقًا لابنة ابن حجر "رابعة" التي تزوجها الشهاب من مكنون "ت٣٨٠هـ" فهي إذن هذا التاريخ".
٤ انظر "الجواهر" "١/ ٢٥٨".
٥ المصدر السابق "١/ ٢٤٤" وانظر أيضًا "١/ ٢٤٩".
1 / 16
وربما قال: فضيحتنا من الله نتكلم في كلامه بالاحتمالات. وفي آخر الأمر صار بعض طلبته يعتني بكتابة ذلك١، وكان يأتي في مجلسه من التفسير بدقائق ومهمات وغرائب لا توجد في سائر التفاسير، بل ينشئها من فكره، ولا يشتغل بإبداء ما في التفاسير من المنقول، لسهولة ذلك على ما يطالعها٢.
ولعلي أو لعل أحدًا ينهض بإبراز هذا الجانب المهم عند ابن حجر، ويتتبعه من كتبه الخاصة بعلوم القرآن أو التي فيها ما يتعلق بها كفتح الباري٣.
ولعل تحقيق كتابه "العجاب" هذا ودراسته تفتح الباب أمام الدارسين لمتابعة الكشف عن هذا الجانب وإعطائه الاهتمام اللائق به٤.
وبعد: فهذا جهدي واجتهادي:
حقق هذا المخطوط على نسخة فريدة في العالم وحررته تحريرًا بالغًا٥.
_________
١ سجل لنا البقاعي في ترجمته لشيخه في "عنوان الزمان" بعض كلامه في ذلك، ولولا خشية التطويل لنقلته فهو نفيس انظر "١/ ورقة ٦٤".
٢ انظر مقدمة "تغليق التعليق" للدكتور سعيد القزقي "١/ ١٦٥" وقد نقل عن ملخصات من "الجواهر والدرر" للشيخ ظاهر الجزائري.
٣ نسب الدكتور شاكر إلى ابن حجر منظومة في "المُعَرّب"، انظر كتابه "ابن حجر" "١/ ٢٨٦-٢٨٧" والواقع أنها خمسة أبيات أوردها في "فتح الباري" "٨/ ٢٥٢-٣٥٣" في تفسير سورة النساء، فهي ليست برسالة مستقلة.
٤ وللشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني "ت١١٠١هـ": التحرير الحاوي لجواب إيراد ابن حجر على البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه﴾ ومنه نسخة في التيمورية في القاهرة انظر "الفهرس الشامل العربي الإسلامي" المخطوط "٢/ ٧٣٩"، وهو ينفع أيضًا في هذا المجال.
٥ جاء في "لحظ الألحاظ" في ترجمة أحد طلاب ابن حجر: محمد بن محمد المعروف بابن الغرابيلي "٧٩٦-٨٣٥" ص"٢٩٩": "رحل إلى القاهرة فصحب بها الحافظ أبا الفضل بن حجر وحرر "تحرير المشتبه" له ... " وكذلك كان يستعين بطلبته في تحرير "فتح الباري": انظر: "ابن حجر" للدكتور شاكر محمود "١/ ٣٠٨ و٣٦٦".
و"العجاب" مات عنه الحافظ مسودة فلم يحرر، فمن هنا كانت خدمته متعبة جدًّا ولكن لا مناص من ذلك لإخراج الكتاب إلى عالم الحياة.
1 / 17
وعلقت عليه بما يخدم موضوعه، فصوله، ويظهر مقصوده، وييسر الانتفاع به على الوجه الأمثل إن شاء الله تعالى.
وقدمت له: بعد ذلك بدراسة هي: "القسم الأول"١ من هذه الرسالة اشتملت على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: التعريف بالمؤلف الحافظ ابن حجر:
وقد جاء في تمهيد أحصيت فيه ما كتب عنه في القديم والحديث مرتبًا على السنين، ومبحثين:
المبحث الأول: حياته.
تكلمت فيه على اسمه، ونسبه ونسبته وكنيته ولقبه، وولادته ونشأته، وطلبه العلم ورحلاته فيه وحجه، وشيوخه، ووطائفه، وأسرته، وتلاميده، وطرف من ورعه وتعبده، ووصف أحواله، ومكانته العلمية وثناء العلماء عليه، ووفاته، وأشرت إلى بعض أوهام دارسي حياته.
المبحث الثاني: مؤلفاته.
أحصيت فيه مؤلفاته، وذكرتها مرتبة على الحروف الهجائية وبينت ما كمل وما لم يكمل أو يبيض وما طبع والذي ما يزال مخطوطًا وتجمعت لدي استدراكات كثيرة تتجاوز "٨٠" استدراكًا على من كتب عن مؤلفاته لم اتطرق لها خشية التطويل، ولها مكان آخر إن شاء الله.
_________
١ أما الكتاب "العجاب" والتعليق عليه فقد عددته القسم الثاني.
1 / 18
ولم أتوسع في هذا الفصل لأني ملتزم بعدم تطويله أصلًا.
الفصل الثاني: علم أسباب النزول وجاء في مبحثين:
المبحث الأول: المؤلفات في أسباب النزول.
وأحصيت فيه ما كتب في أسباب النزول رواية ودراية قديمًا وحديثًا، وعلقت على ما ذكرت تعليقات تكشف عن هذه الكتب، وتظهر حاليًا، واستفادة اللاحق من السابق فيها، والمؤصل من المقلد منها بعد أن رتبتها حسب القدم. ورددت على ما وقع فيه بعض الباحثين في أسباب النزول من تكذيب شيخ المفسيرين الإمام الطبري وزيفت ذلك.
المبحث الثاتي: قواعد علم أسباب النزول:
ذكرت فيه: تعريفه وفوائده وأهميته، وطريق معرفة سبب النزول، وقضية تعدد الأسباب والنازل واحد.
الفصل الثالث: دراسة "الكتاب" وفيه خمسة مباحث:
المبجث الأول: التعريف بالكتاب.
تكلمت فيه على محتواه، وعنوانه، ونسبته إلى مؤلفه، وتاريخ تأليفه، وبحثت مسألة إكمال المؤلف لتأليف كتابه، ومسألة تبيضه وكيفية ظهوره، وقد اقتضت هذه المسائل تتبعًا دقيقًا لإبرازها.
المبحث الثاني: منهجه وأثره فيمن بعده.
بينت فيه الركائز التي قام عليه الكتاب وعلقت عليها، وفصلت ما توصلت إليه من وجود منهجين فيه، وهذا يؤكد القول: أن ابن حجر لم يبيض كتابه، وإلا لكان وحَّد المنهج وذكرت ما وقع لي من استدراكات عليه. وكذلك ذكرت ما توصلت
1 / 19
إليه من إفادة السيوطي من منهج ابن حجر في تأليف كتابه "لباب النقول". وهذا في نظري أهم من التطويل بذكر الجزئيات في اشتراك مادة الكتابين.
المبحث الثالث: مصادره.
وقد أحصيت هذه المصادر إحصاء دقيقًا فبلغت "١٢٣" كتابًا: منها ما صرح به، ومنها ما أبهمه واكتشفته بالتتبع والفحص.
- منها في التفسير: "٣٦" كتابًا، وفيها تفاسير تعد الآن مفقودة، كما ذكرت، وثَمَّ نقول عن تفسير الطبري لا توجد في المطبوع مما يؤكد ضرورة العناية بخدمة هذا التفسير من جديد.
- وفي علوم القرآن "٤" كتب.
- وفي الحديث وعلومه: "٥٢" كتابًا.
- وفي السيرة: "٧" كتب.
- وفي التاريخ: "٢٠" كتابًا.
ومصدران آخران في أصول الفقه، والفرق، وآخران لم يحددهما.
وقد تتبعت عدد إفاداته من كل كتاب من هذه الكتب فظهر أن تفسير الطبري يحتل المركز الأول فقد أفاد منه أكثر من "٦٠٠" مرة.
المبحث الرابع: آراؤه.
جهدت في هذا المبحث أن اكتشف آراءه في مسائل علم أسباب النزول، فبحثت في مفهوم سبب النزول عنده، والألفاظ الدالة على سبب النزول، وطريق اعتمادها، وتعدد الأسباب والنازل واحد، وتعدد النازل والسبب واحد، وتكرر النزول،
1 / 20
وتجزئة الآية. وعموم اللفظ وخصوص السبب ولهذه الآراء قيمتها في دراسة علم أسباب النزول وتثبيت قواعده ومسائله.
المبحث الخامس: وصف النسخة الخطية وبيان طريقتي في التحقيق.
تكلمت فيه على النسخة المعتمدة وترجمت لناسخها وهو من كبار علماء عصره، وبحثت في رموزه التي استعملها في النسخة، ثم ختام النسخة وتاريخ النسخ، ورحيلها من القاهرة إلى مراكش.
وبعد هذا بينت الأسس التي اتبعتها في التحقيق.
وزودت الرسالة بصور من بداية المخطوط ونهاتيه. وختمتها بـ"نتائج البحث".
ويعلم الله كم عانيت في تحقيق هذا الكتاب ودراسته، ورُبَّ عبارة وقفت أمامها ساعات أحاول فكها وتوجيهها وتقريبها، وذلك أن مؤلفه تركه مسودة ولم أعثر له على نسخة ثانية -إلا نصوصًا قليلة جدًّا نقلها السيوطي والمناوي- وقد عرا بعض صفحاته طمس وسوء تصوير، إضافة إلى أن الناسخ استعمل رموزًا غير معتادة في المخطوطات، فاستدعى ذلك تأملًا طويلًا فيها.
وقد استطعت الرجوع إلى أكثر من "٧٠" مصدرًا من مصادر المؤلف البالغة "١٢٣" مصدرًا، وما زلت جادًّا في استكمال الباقي، وحققت النقول عن المصادر الأخرى، بالواسطة فكل ما نقله عن سُنيد مثلًا رأيته في تفسير الطبري إلا رواية واحدة وهكذا.
واتبعت في التحقيق أسسًا بينتها في آخر الفصل الثالث تقوم على مراجعة كل ما كتبه المؤلف وتوضيحه وإكماله والاستدراك عليه، ومن ذلك ملء الفراغات وحل المشكلات وكشف التحريفات فيه: وهي أكثر من "٢٥٠" تحريفًا. وفي غيره: وهي كثيرة أيضًا. وكذلك بمناقشة الأقوال والآراء -ما استطعت- وقد تجازوت
1 / 21
تعليقاتي عليه "٥٠٠٠" تعليق فما كان من صواب فمن الله، وما كان من زلل وخطأ فمن نفسي وأسأل الله العفو.
والحق أقول: إن كل تعب، يسهل في سبيل خدمة كتاب الله وسنة نبيه ﷺ و"العجاب" يجمع بينهما في موضوعه ومادته.
ولعل في ذلك بعض وفاء للإمام المؤلف الذي خدم الأمة والعلم والدين بالتدريس والتصنيف والإفتاء والقضاء أكثر من نصف قرن.
وأخيرًا: هذا ما لدي "وإلى الله الاستناد، وعليه الاعتماد، ومنه الاستمداد.
وإياه أسأل أن يعاقبني من شر المفاخرة، وأن يقربني لما يرضيه في الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب، عليه توكلت وإليه أنيب"١.
"والله تعالى المسئول أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنًا علمًا، وأن يعيذنا من حال أهل النار، وله الحمد على كل حال"٢.
"والله أسأل أن لا يجعل ما علمناه، علينا وبالًا، وأن يرزقنا العمل بما يرضيه ﷾"٣.
_________
١ من مقدمة المؤلف لكتابه "الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع" ص"٥٨-٥٩".
٢ من مقدمته لكتابه "التخليص الحبير" "١/ ٩".
٣ من مقدمة "بلوغ المرام" ص"١٠".
1 / 22
القسم الأول
الفصل الأول: التعريف بالحافظ ابن حجر
تمهيد
...
الفصل الأول: التعريف بالحافظ ابن حجر.
تمهيد:
قدر الله للحافظ ابن حجر أن يكون علمًا كبيرًا من أعلام الأمة، يتردد اسمه في أقطار الأرض، ويقبل العلماء على كتبه ينهلون العلم المحقق، ويتبحرون في السنة وعلومها وقد ترجم له كثيرون، وفيما يأتي قائمة بأسماء الكتب التي جاء فيها ترجمة له:
- "المطالع البدرية لمن اشتهر بالصناعة الشعرية" للعلامة محمد البشتكي١.
- "ذيل التقييد بمعرفة رواة السنن والأسانيد" للعلامة محمد الفاسي "ت٨٣٢" "١/ ٣٥٢"٢.
- بعض مجاميع حافظ حلب البرهان سبط ابن العجمي "ت٨٤١"٣.
- "توضيح المشتبه" للذهبي، للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي "ت٨٤٢"٤.
_________
١ ذكره السخاوي في "الجواهر والدرر" "١/ ٢٢٥" ونقل نصوصًا من هذه الترجمة.
٢ ذكره السخاوي أيضًا في "الجواهر" "١/ ٢٢٧".
٣ ذكره في "الجواهر" "١/ ٢٣٣" ونقل منه.
٤ ذكره في "الجواهر" "١/ ٢٣٥-٢٣٦" ونقل نصه.
1 / 27
- "الدر المنتخب في تاريخ حلب" للعلاء ابن خطيب الناصرية "ت٨٤٣"١.
- "العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة" للمقريزي "ت٨٤٤"٢.
- "التاريخ" للعلامة تقي الدين بن قاضي شهبة "ت٨٥١"٣.
- "عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان" للقاضي بدر الدين العيني "ت٨٥٥"٤.
- "بهجة الناظرين إلى تراجم المتأخرين من الشافعية البارعين" للغزي "ت٨٦٤"٥.
- "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ" للحافظ محمد فهد الهاشمي المكي "ت٨٧١" "ص٣٢٦-٣٤٢"٦.
- "المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي" لابن تغري بردي "ت٨٧٤"٧.
- "كراسة خاصة لمحدث حلب أبي ذر ابن البرهان السابق "ت٨٤٤"٨.
- "عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأعيان" للإمام البقاعي "ت٨٨٥" مخطوط
_________
١ ذكر في "الجواهر" "١/ ٢٣٨" ونقل منه بعض ما قاله.
٢ ذكره في "الجواهر" "١/ ٢٣٩" ونقل منه.
٣ عين السخاوي "التاريخ" في "الضوء اللامع" "٢/ ٣٩"، وأما في "الجوهر" "١/ ٢٤٣" فقال: وجد بخطه ترجمة لابن حجر بظاهر تصنيفه "الدرر" نخسة البرهان العجلوني.
٤ مخطوط في دار الكتب المصرية.
٥ ذكره في "الجواهر" "١/ ٢٤٨" ونقله منه.
٦ ذكره في "الجواهر" "١/ ٢٤٩-٢٥٠" ونقله منه.
٧ ذكر هذه الترجمة في "الجواهر" "١/ ٢٥١" ونقل منها.
٨ ذكرها في "الجواهر" "١/ ٢٥٣" ونقل منها.
1 / 28