وقال أبو هريرة وقد عاد مريضًا، فقال له: إن رسول اللَّه ﷺ قال: "إن اللَّه ﷿ يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا، لتكون حظه من النار في الآخرة" (^١).
وقال مجاهد: "الحمى حظ كل مؤمن من النار، ثم قرأ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)﴾ [مريم: ٧١] " (^٢).
وهذا لم يرد به مجاهد تفسير الورود الذي في القرآن، فإن السياق يأبى حمله على الحمى قطعًا، وإنما مراده أن اللَّه سبحانه أخبر (^٣) عباده كلهم بورود النار، فالحمى للمؤمن تكفر خطاياه فيسهل عليه الورود يوم القيامة فينجو منها سريعًا، واللَّه أعلم.
ويدل عليه حديث أبي ريحانة (^٤) عن النبي ﷺ: "الحُمى كيرٌ من كير
= سيأتي قريبًا من حديث أبي أيوب وأبي هريرة وأم سليم، ومنها ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٥٧٥)، من حديث جابر بن عبد اللَّه أن النبي ﷺ قال: "لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد".
(^١) أخرجه الترمذي في "جامعه" (٢٠٨٨) / ط كمال الحوت، وابن ماجه في "سننه" رقم (٣٤٧٠).
وصححه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٣٤٥) ووافقه الذهبي. وضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ٢٩٨ - ٢٩٩). وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (٥٥٧).
(^٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" رقم (٢٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٩٨٤٥)، وابن جرير في "تفسيره" (١٦/ ١١١).
(^٣) في النسخ الأخرى: "وعد".
(^٤) هو شمعون بن زيد، أبو ريحانة الأزدي، المدني حليف الأنصار، ويقال مولى رسول اللَّه ﷺ، شهد فتح دمشق، وقدم مصر، وسكن بيت المقدس. "تقريب التهذيب" (ص ٤٤٠).