[مقدمة] (متن العمدة) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، حمدا يفضل على كل حمد كفضل الله على خلقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة قائم لله بحقه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله غير مرتاب في صدقه، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبه ما جاء سحاب بودقه، وما رعد بعده برقه. أما بعد، فهذا كتاب في الفقه اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد ليكون عمدة لقارئه، فلا يلتبس الصواب عليه باختلاف الوجوه والروايات. سألني بعض إخواني تلخيصه ليقرب على المتعلمين، ويسهل حفظه على الطالبين، فأجبته إلى ذلك، معتمدا على الله سبحانه في إخلاص القصد لوجهه الكريم، والمعونة على الوصول إلى رضوانه العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وأودعته أحاديث صحيحة تبركا بها، واعتمادا عليها، وجعلتها من الصحاح لأستغني عن نسبتها إليها. ــ [العُدَّة شرح العُمْدة] الحمد لله ذي الفضل والنعم والجود والكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وأطلعه على غوامض الحكم، أحمده على ما علم وألهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مبرأة من التهم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المحترم، أرسله إلى العرب والعجم، وجعل أمته خير الأمم، وهدى به إلى الطريق الأقوم، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - وشرف وعظم وأكرم، وبعد، فهذا شرح كتاب العمدة لشيخنا الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد المقدسي ﵀، رتبته مختصرا ليكون عدة لي في الحياة، وذخيرة بعد الوفاة، وإلى الله سبحانه الرغبة أن يجعله لوجهه خالصا وإليه مقربا، إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

1 / 11

كتاب الطهارة باب أحكام المياه (١) خلق الماء طهورًا، يطهر من الأحداث والنجاسات (٢) ولا تحصل الطهارة ــ [العُدَّة شرح العُمْدة] [كتاب الطهارة] [باب أحكام المياه] باب أحكام المياه مسألة ١: (خلق الماء طهورًا، يطهر من الأحداث والنجاسات) لقوله سبحانه: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] وقال ﷺ: «اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد» متفق عليه، والطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وهو الذي نزل من السماء أو نبع من الأرض وبقي على أصل خلقته، فهذا يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس للآية. مسألة ٢: (ولا تحصل الطهارة بمائع غيره) أما طهارة الحدث فلقوله ﷾: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] نقلنا ﷾ عند عدم الماء إلى التراب، فلو كان ثم مائع يجوز الوضوء به لنقلنا إليه، فلما نقلنا عنه إلى التراب دل على أنه لا تصح الطهارة للحدث إلا به. وأما الطهارة من النجاسات فلا تجوز إلا بالماء لقوله ﷺ لأسماء في دم الحيضة: «حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء» أمر، والأمر يقتضي الوجوب. وخص الماء بالذكر فيدل على أنه لا يجوز بمائع غيره، ولأنها طهارة فلا تجوز بغير الماء كطهارة الحدث.

1 / 13

بمائع غيره (٣) فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جاريًا لم ينجسه شيء ــ [العُدَّة شرح العُمْدة] مسألة ٣: (فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جاريًا لم ينجسه شيء) . أما إذا بلغ قلتين لم ينجسه شيء فلقوله ﷺ: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، ولفظه: «لم يحمل الخبث»، وأخرجه الإمام أحمد في المسند، وأما إذا كان جاريًا فلا ينجسه شيء وإن قل، لقوله ﷺ لما سئل عن بئر بضاعة وما يلقى فيها من الحيض ولحوم الكلاب والنتن: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» رواه الترمذي قال أحمد ﵀: حديث بئر بضاعة صحيح، وهو عام في القليل والكثير. فإن قيل: يعارضه حديث القلتين، قلنا: عنه ثلاثة أجوبة: أحدها: أن حديث بئر بضاعة أصح فلا يعارضه، ولأن حديث القلتين ضعيف من حيث الاستدلال به فإن القلال تختلف، وتقديرهما بخمس قرب من أين ذلك؟ وتقدير القربة بمائة رطل يحتاج إلى دليل، فإن التقدير إنما يصار إليه بالنص ولا نص، وحديث ابن جريج «رأيت قلال هجر تسع القلة قربتين أو قربتين وشيئا» غير مقبول. الثاني: أن دلالته على تنجيس اليسير إنما هو بالمفهوم، وحديث بئر بضاعة يدل على طهارته بالمنطوق فكان مقدمًا. الثالث: أن حديث القلتين محمول على الماء الواقف، فإنا قد أجمعنا على أن ما قبل النجاسة في الماء الجاري لا يتنجس، لأنه لم يصل إليها وما بعدها كذلك لأنها لن تصل إليه بخلاف الواقف. فإن قيل: حديث بئر بضاعة دخله التخصيص بالقليل الواقف فإنا قد أجمعنا على أنه ينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير فنقيس عليه القليل الجاري. قلنا: لا يصح ذلك، وبيانه من وجهين: أحدهما: أن الجاري له قوة ليست للواقف، فإنه يدفع التغير عن نفسه، لأنه يدفع بعضه بعضًا وليس كذلك الواقف.

1 / 14

(٤) إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه (٥) وما سوى ذلك ينجس بمخالطة النجاسة (٦) والقلتان ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي ــ [العُدَّة شرح العُمْدة] والثاني: أن الجاري لو ورد على النجاسة طهرها فكذا إذا وردت عليه قياسًا لأحد الواردين على الآخر، وليس هذا للواقف، فإن صب الواقف على النجاسة صار جاريًا، والله تعالى أعلم وأحكم. مسألة ٤: (إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه) . يعني أن الماء إذا تغيرت إحدى صفاته بالنجاسة ينجس على كل حال قلتين أو أكثر أو أقل وهذا أمر مجمع عليه، قال الإمام أحمد ﵁: ليس فيه حديث، ولكن الله سبحانه حرم الميتة فإذا تغير بها فكذلك طعم الميتة وريحها فلا يحل له، وقول أحمد: " ليس فيه حديث " يعني ليس فيه حديث صحيح. مسألة ٥: (وما سوى ذلك ينجس بمخالطة النجاسة): يعني أن ما دون القلتين يتنجس بمخالطة النجاسة وإن لم يتغير، لأن تحديده بالقلتين يدل على أن ما دونهما يتنجس، ولأن النبي ﷺ قال: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» متفق عليه، فدل على نجاسته من غير تغير، وفي رواية: «طهور إناء أحدكم» ... " وعنه أنه طاهر لقوله ﷺ: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» قال أحمد: حديث بئر بضاعة صحيح، ولأنه لم يتغير بالنجاسة أشبه الكثير. مسألة ٦: (والقلتان ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي) سميت قلة لأنها تقل بالأيدي وهما خمسمائة رطل بالعراقي. وعنه أربعمائة رطل؛ لأنه يروى عن ابن جريج أنه قال: «رأيت قلال هجر فرأيت القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئًا»، فالاحتياط أن يجعل الشيء نصفًا فيكونان خمس قرب كل قربة مائة رطل وهو تقريب لا تحديد في الأصح، لأن القربة إنما جعلت مائة رطل تقريبًا، والشيء إنما جعل نصفًا احتياطًا فإنه يستعمل بما دون النصف وهذا لا تحديد فيه. وفيه قول آخر أنه تحديد لأن ما وجب بالاحتياط صار فرضًا كغسل جزء من الرأس،

1 / 15

(٧) وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور وكذلك ما خالطه فغلب على اسمه أو استعمل في رفع حدث سلب طهوريته (٨) وإذا شك في طهارة الماء أو غيره ونجاسته بنى على اليقين (٩) وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتيقن به غسلها (١٠) وإن اشتبه ماء طاهر بنجس ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما (١١) وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما (١٢) وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجس وزاد صلاة (١٣) وتغسل نجاسة الكلب والخنزير سبعًا إحداهن ــ [العُدَّة شرح العُمْدة] وفائدة هذا إذا نقص الرطل أو الرطلان إذا قلنا: إنه تقريب لا ينجس الماء، وإن قلنا: إنه تحديد نجس. مسألة ٧: (وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور) سلب طهوريته إجماعا (وكذلك ما خالطه فغلب على اسمه) فصار حبرًا أو صبغًا (أو استعمل في رفع حدث سلب طهوريته) أيضًا، لأنه زال عنه إطلاق اسم الماء أشبه ما لو تغير بزعفران، وعنه لا يسلب طهوريته لأنه استعمال لم يغير الماء أشبه ما لو تبرد به. مسألة ٨: (وإذا شك في طهارة الماء أو غيره ونجاسته بنى على اليقين) لأنه الأصل. مسألة ٩: (وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتيقن به غسلها) يعني يغسل حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة، كمن تنجست إحدى كميه لا يعلم أيهما غسل الكمين، أو تيقن أن الثوب قد وقعت عليه نجاسة لا يعلم موضعها غسل جميع الثوب لتحصل الطهارة بيقين. مسألة ١٠: (وإن اشتبه ماء طاهر بنجس ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما) . مسألة ١١: (وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما) وصلى صلاة واحدة لأنه إذا فعل ذلك حصلت له الطهارة بيقين. مسألة ١٢: (وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجس وزاد صلاة) لأنه أمكنه تأدية فرضه بيقين من غير مشقة تلزمه كما لو اشتبه المطلق بالمستعمل. مسألة ١٣: (وتغسل نجاسة الكلب والخنزير سبعًا إحداهن بالتراب) لقوله ﷺ:

1 / 16

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.