بغداد، وكان يدرس بها المذهب الحنبلي أصولا وفروعًا، فأَمَّه الغلام أبو يعلى، وصحبه، وتتلمذ عليه، حتى حاز رضا شيخه وإعجابه، وفاق زملاءه وأقرانه، ولذلك لما سئل عمن يقوم بالتدريس أثناء غيابه في الحج، أجاب بقوله: هذا الفتى، وأشار إلى القاضي أبي يعلى١.
ولم يكن أبو يعلى مقتصرًا على تعلم الفقه وأصوله، بل سمع الحديث وأكثر من ذلك، فسمع من أبي القاسم بن حبابة وعلي بن عمر الحربي وأبي القاسم موسى السراج وأبي الحسين السكري وغيرهم٢.
كما تعلم علوم القرآن وقرأ بالقرءات العشر٣.
وقد رحل في طلب العلم إلى مكة المكرمة ودمشق الفيحاء، وحلب الشهباء، وهناك سمع الحديث من بعض محدثيها٤.
وفي سنة "٤٠٣هـ" يلتحق الشيخ ابن حامد بالرفيق الأعلى، حيث وافته منيته، وهو راجع من الحج٥.
ويتلقى التلميذ نبأ الفاجعة بصبر وثبات، ويمضي قدمًا في إكمال رسالة شيخه، فيتربع على كرسي التدريس والإفتاء على مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى.
ومن هنا يبدأ الدور الثالث في حياة الرجل، طور النضوج، طور تحمل المسئولية بكل تبعاتها، فيعكف على التأليف والتصنيف في شتى
_________
١ طبقات الحنابلة "٢/ ١٩٥".
٢ "طبقات الحنابلة" "٢/ ١٩٥"، و"سير أعلام النبلاء" الورقة "١٦٨/ أ" الجزء الحادي عشر، و"المنتظم" "٨/ ٢٤٣".
٣ طبقات الحنابلة "٢/ ٢٠٠"، و"سير أعلام النبلاء" الورقة "١٦٨/ ب".
٤ المرجعان السابقان.
٥ "طبقات الحنابلة" "٢/ ١٩٥".
1 / 21