فإن قلت: لم أضاف الضمير لـ "أحَد"، ومعلوم أنّ أحَدًا لا يستيقظ من نوم غيره؛ فلم لا قال: "من النوم" أو "من نوم"؟
قلت: إنما قال ذلك لمعنىً جَليل لَطيف جدًّا، وهو الإشارة والتنبيه على أنّ نومه ﷺ مُغاير لنومنا؛ إذ كان ﷺ تنام عيناه ولا ينام قلبه.
فإن قلت: قوله: "أحدكم" يُعطي ذلك.
قلت: أجَل، لكن جاء على طريق المبالغة والتأكيد، وربما يسمي أهل علم البيان مثل هذا: " [توطئة] (١) "، وهو أن يكون المعنى مستقلًا بالأوّل، ويؤتى بالثاني لما ذكر. (٢)
قوله: "أن يُدخُلها": "أنْ" المصْدَرية النّاصبة للفِعل المضَارع.
ولـ"أنْ" أقسَام. قال الهروي: لها سبعة مواضع: -
أحدها: أن تدخل على الفعلين المستقبل والماضي؛ فتكون هي مع الفعل اسمًا بمعنى المصدر.
الثاني: المخفّفة من الثقيلة، ويليها الاسم والفعل [الماضي] (٣) والمستقبل. فإذا وليها الاسم: ذلك فيه وجهان: النصب على نية تثقيلها، كقولك: "علمتُ أنْ زيدًا قائم"، يريد: "أنّ زيدًا قائم". ومنه قول الشّاعر:
فَلَو أَنْكِ فِي يَوْم الرّخَاءِ سَأَلتِنِي ... فراقك لمْ أَبْخَلْ وأَنْتِ صَديقُ (٤)
(١) بالنسخ: "نظرية". والمثبت من المصدر.
(٢) انظر: رياض الأفهام للفاكهاني (١/ ٦٩، ٧٠).
(٣) بالنسخ: "والماضي".
(٤) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة. ويروى فيه: "طلاقك". انظر: أمالي ابن الشجري (٣/ ١٥٣)، خزانة الأدب (٥/ ٤٢٦، ٤٢٧)، (١٠/ ٣٨٢)، مغني اللبيب (ص ٤٧)، =