وسيأتي بقية مِن أحكامها في الثّاني من "صفة الصّلاة"، وتقدّمت في أوّل حديثٍ من الكتاب.
وقوله هنا: "على كُل قبر واحدة": ولم يقل: "على قبر واحدة، وعلى قبر واحدة"؛ لأن الأوّل أخصر، مع ما أفادته "كُل" من عموم أجزاء كُل قبر، والمراد: "على كل قبر منهما"، لا عُموم القبور، بدليل السياق، ويتعلق "منهما" بصفة "القبر".
وحذفُ الصفة كثير (١)، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص: ٨٥]، أي: ["أي مَعاد"] (٢)، وقوله تعالى: ﴿الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾ [البقرة: ٧١]، أي: "بالحق البين"، وإلا لكان قولهم كفرًا. (٣)
و"واحدة" حُذف موصوفها، أي: "شقة واحدة"؛ لأنّ الموصوف معلوم من نفس الصفة. وسيأتي القول على المواضع التي يحذف فيها الموصوف (٤) في التاسع من "باب صفة الصلاة".
قوله: "فقالوا: يا رسول الله لم فعلت": معطوفٌ على ما قبله، و"الفاء" هنا للسببية.
ولها ثلاثة أقسام: العطف والسببية، وذلك إذا عطف بها على جملة في الغالب، نحو: "سها فسَجَد"، و"زنا ماعز فرُجِم". وقد لا تفيد، نحو قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ
(١) انظر: شرح الأشموني (٢/ ٣٢٨)، وشرح التسهيل (٣/ ٣٢٤)، وهمع الهوامع (٣/ ١٥٨).
(٢) كذا بالنسخ. وفي شواهد التوضيح (ص ٨٥): "إلى معادٍ أي معادٍ" أو: إلى معادٍ تحبه".
(٣) انظر: شواهد التوضيح (ص ٨٥)، عقود الزبرجَد (٣/ ١٤١)، وعُمدة القاري (١٩/ ١٠٤)، وشرح الأشموني (٢/ ٣٢٨)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٢٤)، ومغني اللبيب لابن هشام (ص ٦٤٤، ٨١٨)، وشرح ابن عقيل (٣/ ٢٠٥)، وهمع الهوامع (٣/ ١٥٨).
(٤) انظر: شرح الأشموني (٢/ ٣٢٨، ٣٣١)، شرح التسهيل (٣/ ٣٢٢).