Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
خپرندوی
دار علوم السنة
ژانرونه
الوجه الأربعون: أن يقال: إذا كان الرسول ﷺ ما بيّن للناس أصول إيمانهم، ولا عرّفهم علمًا يهتدون به، في أعظم أمور الدين، وأجل مقاصد الدعوة النبوية، وأجل ما خلق الخلق له، وأفضل ما أدركه الخلق وحصّلوه وانتهوا إليه، بل إنما بين لهم الأمور العملية، فإذا كان كذلك فمن المعلوم أن من علّمهم وبيّن لهم أشرف القسمين، وأعظم النوعين، كان ما أتاهم به أفضل مما أتاهم به من لم يبين إلا القسم المفضول والنوع المرجوح.
وحينئذ فمذهب النفاة للصفات ليس من أئمته أحد من خيار هذه الأمة وسابقيها، وإنما أئمتهم الكبار: القرامطة الباطنية من الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم، ومن يوافق هؤلاء من ملاحدة الفلاسفة، وملاحدة المتصوفة القائلين بالوحدة والحلول والاتحاد، كابن سينا، والفارابي، وابن عربي، وابن سبعين، وأمثال هؤلاء.
ثم من هو أمثل هؤلاء، كأئمة الجهمية: مثل الجهم بن صفوان، والجعد بن درهم، وأبي الهذيل العلاف، وأبي إسحاق النظام وبشر المريسي، وثمامة بن أشرس، وأمثال هؤلاء، فيكون ما أتى به هؤلاء من العلم والهدى والمعرفة، أفضل وأشرف مما أتى به موسى بن عمران، ومحمد بن عبد الله سيد ولد آدم، وأمثالهم من الرسل صلوات الله عليهم وسلامه، لأن هؤلاء عند النفاة الجهمية لم يبينوا أفضل العلم وأشرف المعرفة، وإنما بينها أولئك على قول النفاة.
ولازم هذا القول أن يكون عند النفاة الجهمية أولئك أفضل من الأنبياء والرسل في العلم بالله وبيان العلم بالله، وقد صرّح أئمة هؤلاء بهذا، فابن عربي وأمثاله يقولون: الأنبياء والرسل يستفيدون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء، وأن هذا الخاتم يأخذ العلم من المعدن الذي يأخذ منه الملك، الذي يوحي به إلى الرسول.
وابن سبعين يقول: إنه بيّن العلم الذي رمز إليه هرامس الدهور الأولية، ورامت إفادته الهداية النبوية. فعلى قوله: إن الأنبياء راموا إفادته وما أفادوه.
5 / 23