199

Critiquing the Foundations of the Rationalists

نقض أصول العقلانيين

خپرندوی

دار علوم السنة

ژانرونه

الوجه الثالث والثلاثون: أن يقال: إن الشرع لا يمكن أن يخالفه العقل الدال على صحته، بل هما متلازمان في الصحة، وهذا القدر لا يمكن مؤمن بالله ورسوله أن ينازع فيه، بل لا ينازع مؤمن بالله ورسوله أن العقل لا يناقض في نفس الأمر، لكن الذي تقوله الجهمية والقدرية وغيرهم من أهل البدع أن تصديق الرسول ﷺ مبني على الأدلة النافية للصفات والقدر، كما يقولونه من أن صدق الرسول موقوف على قيام المعجزة الدالة على صدقه، وقيام المعجزة موقوف على أن الله لا يؤيد الكذاب بالمعجزة، وذلك موقوف على أن فعل الله قبيح، والله لا يفعل القبيح، وتنزيهه عن فعل القبيح موقوف على أنه غنُّي عنه عالم بقبحه، والغني عن القبيح العالم بقبحه لا يفعله، وغناه عنه موقوف على أن ليس بجسم، وكونه ليس بجسم موقوف على نفي صفاته وأفعاله، لأن الموصوف بالصفات والأفعال جسم، ونفي ذلك موقوف على ما دل على حدوث الجسم، فلو بطل الدال على حدوث الجسم بطل ما دل على صدق الرسول فهذا أصل قولهم، ومن وافقهم في نفي بعض الصفات أو الأفعال قال بما يناسب مطلوبه من هذا الكلام، فحقيقة قولهم إنه لا يمكن التصديق بكل ما في الشرع، بل لا يمكن تصديق البعض إلا بعدم تصديق البعض الآخر. وحينئذ فدليلهم العقلي ليس دالًا على صدق الرسول إلا على هذا الوجه، فلا يمكنهم قبول ما يناقضه من نصوص الكتاب والسنة. وحينئذ فيقال لهم: لا نسلم أن مثل هذا هو الأصل الذي به علم صدق الرسول ﷺ، بل هذا معارضة لقول الرسول بما لا يدل على صدقه، فبطل قول من يقول: إنّا إذا قدَّمنا الشرع كان ذلك طعنًا في أصله. وهذه المقدمات التي ذكروها عامتها ممنوعة. وإذا قال أحدهم: نحن لا نعلم صدق الرسول إلا بهذا، أو لا نعلم دليلًا يدل على صدق الرسول إلا هذا.

5 / 13