Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
خپرندوی
دار علوم السنة
ژانرونه
وكثير من حذاق النظار حار في هذه المسائل، حتى أذكياء الطوائف كأبي الحسين البصري، وأبي المعالي الجويني، وأبي عبد الله بن الخطيب – حاروا في مسألة الجوهر الفرد، فتوقفوا فيها تارة، وإن كانوا قد يجزمون بها أخرى، فإن الواحد من هؤلاء تارة يجزم بالقولين المتناقضين في كتابين أو كتاب واحد، وتارة يحار فيها، مع دعواهم أن القول الذي يقولونه قطعي برهاني عقلي لا يحتمل النقيض!
وهذا كثير في مسائل الهيئة ونحوها من الرياضيات، وفي أحكام الجسم وغيره من الطبيعيات، فما الظن بالعلم الإلهي؟ وأساطين الفلسفة يزعمون أنهم لا يصلون فيه إلى اليقين، وإنما يتكلمون فيه بالأولى والأحرى والأخلق.
الوجه الرابع عشر: أن يعارض دليلهم بنظير ما قالوه، فيقال: إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل، لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع للنقيضين، وتقديم العقل ممتنع، لأن العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول ﷺ، فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، وإذا أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضًا للنقل، لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء، فكان تقديم العقل موجبًا عدم تقديمه، فلا يجوز تقديمه.
وهذا بين واضح؛ فإن العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته وأن خبره مطابق لخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلًا صحيحًا، وإذا لم يكن دليلًا صحيحًا لم يجز أن يتبع بحال، فضلًا عن أن يقدم؛ فصار تقديم العقل على النقل قدحًا في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه، والقدح فيه يمنع دلالته، والقدح في دلالته يقدح في معارضته، كان تقديمه عند المعارضة مبطلًا للمعارضة، فامتنع تقديمه على النقل، وهو المطلوب. وأما تقديم النقل عليه فلا يستلزم فساد النقل في نفسه.
ومما يوضح هذا أن يقال:
4 / 23