Correct Statement on the Issue of Traveling
صحيح المقال في مسألة شد الرحال
خپرندوی
الجامعة الإسلامية
د ایډیشن شمېره
السنة الحادية عشرة-العدد الثالث
د چاپ کال
ربيع الأول ١٣٩٩هـ/ ١٩٧٨م
د خپرونکي ځای
المدينة المنورة
ژانرونه
وبصرف النّظر عَن كل مَا تقدم وَعَن كل من تقدم قبل زمن ابْن تَيْمِية، وَعَن كل مَا هُوَ الْوَاقِع عِنْد التَّحْقِيق فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، بل يَصح مَا قيل من أَن مَذْهَب جُمْهُور الْعلمَاء فِي هَذِه الْمَسْأَلَة جَوَاز شدّ الرّحال لزيارة الْقَبْر الشريف - وأعني بذلك زمن ابْن تَيْمِية دون غَيره من الْأَزْمِنَة - الصَّحِيح أَن الْوَاقِع بِالْعَكْسِ، وَهُوَ أَن مَذْهَب جُمْهُور الْعلمَاء فِي ذَلِك الزَّمَان هُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ شيخ الْإِسْلَام، وَهُوَ طَاعَة الله وَرَسُول بِالْتِزَام مُقْتَضى حَدِيث "لَا تشد الرّحال ... " الخ.
وَقد ذكرنَا فِيمَا سبق أَن مَسْأَلَة شدّ الرّحال لزيارة الْقَبْر سَوَاء قبر النَّبِي ﷺ أَو غَيره لم يتَكَلَّم فِيهَا أحد من أهل الْعلم، وَلم تخطر على بَال أحد مِنْهُم فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة الأولى من تَارِيخ الْإِسْلَام؛ عملا مِنْهُم بِحَدِيث "لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد"؛ وَلذَلِك لما سُئِلَ الإِمَام مَالك عَمَّن نذر السّفر لزيارة الْقَبْر الشريف، نهى عَن الْوَفَاء بِهَذَا النّذر قَائِلا: إِن كَانَ مُرَاده الْمَسْجِد فليأت الْمَسْجِد وَليصل فِيهِ، وَإِن كَانَ مُرَاده الْقَبْر فَلَا يَأْته؛ لحَدِيث "لَا تعْمل الْمطِي ... ". انْظُر: الرَّد على الأخنائي
ص٣٥ قَالَ شيخ الْإِسْلَام - يَعْنِي الإِمَام مَالك-: ومذهبه الْمَعْرُوف فِي جَمِيع كتب أَصْحَابه الْكِبَار وَالصغَار الْمُدَوَّنَة لِابْنِ قَاسم، والتفريع لِابْنِ الْجلاب أَنه من نذر إتْيَان الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة إِن كَانَ أَرَادَ الصَّلَاة فِي مَسْجِد النَّبِي ﷺ وفَّى بنذره، وَإِن كَانَ أَرَادَ غير ذَلِك لم يوفّ بنذره.
قلت: وَمَعْلُوم أَن النّذر إِذا كَانَ فِيهِ طَاعَة الله وَجب الْوَفَاء بِهِ، وَإِذا كَانَ فِيهِ مَعْصِيّة حرم الْوَفَاء بِهِ، وَإِذا كَانَ فِي أَمر مُبَاح فَلَا يلْزم الْوَفَاء بِهِ، وَإِذا وفى بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَفِيد شَيْئا عِنْد الله؛ وَلِهَذَا لما كَانَ مَالك ﵀ -يرى أَن شدّ الرّحال لزيارة قبر الني ﷺ دَاخل فِي النَّهْي الَّذِي تضمنه حَدِيث "لَا تشد الرّحال.." نهى عَن الْوَفَاء بِنذر من نذر السّفر لهَذِهِ الزِّيَارَة، وَاسْتدلَّ لذَلِك بِالْحَدِيثِ نَفسه.
أما الَّذِي حصل فِيهِ الْخلاف بَين أَئِمَّة السّلف حول مَوْضُوع الزِّيَارَة فَهُوَ مَسْأَلَة الْفرق بَين الْقَرِيب والبعيد بِالنِّسْبَةِ للسلام على رَسُول الله ﷺ؛ إِذْ قد رأى بَعضهم أَن السَّلَام من قريب يحصل بِهِ الرَّد مِنْهُ ﵇ دون السَّلَام عَلَيْهِ من بعيد؛ لِأَن هَذَا الْبَعْض أوّل حَدِيث "مَا من أحد يسلم عَليّ.." الخ. على أَنه خَاص بِمن سلم من قريب، وَكَذَلِكَ استأنسوا بِفعل عبد الله بن عمر ﵄؛ نُقل ذَلِك عَن الإِمَام أَحْمد وَابْن حبيب.
كَمَا ذهب الْبَعْض الآخر إِلَى عدم الْفرق بَين الْقَرِيب والبعيد كَمَا تقدم، وَمَعْلُوم أَن هَذَا لَا يدْخل فِي مَسْأَلَة شدّ الرّحال.
وَتقدم أَن ذكرنَا عددا من عُلَمَاء الْأمة الإسلامية قبل زمن ابْن تَيْمِية يحرمُونَ شدّ الرّحال لزيارة أَي قبر من الْقُبُور، ويستدلون بِحَدِيث " لَا تشد الرّحال.." مِنْهُم القَاضِي عِيَاض وَالْقَاضِي حُسَيْن وَأَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَإِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق، وَهُوَ مَذْهَب الإِمَام مَالك ﵀ كَمَا تقدم، بل ورد عَنهُ قَوْله
1 / 195