Consultation in Islamic Law
الشورى في الشريعة الإسلامية
ژانرونه
لربهم وأقاموا الصلاة وأدوا الزكاة وكان منهج الشورى هو منهجهم. وقد قال بعض الباحثين إن سياق النص قد نبه عليه بعض المؤصلين والبلاغيين من حيث أن لفظ وجملة (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) جاءت متوسطة بين الصلاة والزكاة لتدل بتنبيه عبارة النص وإشارته على ضرورة مداومتها بما يشبه الصلاة والزكاة، وعموم خطاب الآية الكريمة هو من الوجوب الشمولي في الأمة. فمفهوم الأمر جاء بطبيعة الخبر والمدح وهو أعظم من الأمر الصريح عند البيانيين من علماء اللغة الذين قرروا أن طرق الأمر الحتمي في اللغة تصل إلى ثمانية وعشرين وجهًا.
ويتبين أيضًا من هذه الآية الكريمة أن الإسلام ليس حصرًا على الصلاة والزكاة وإن كانا من أركانه، لأن من استجاب لله وجب عليه أن يتخذ الشورى منهجًا، فكما لا يجوز له إهمال الصلاة وتركها فإنه لا يجوز له إهمال الشورى وتركها، وبهذا يتضح أن الإسلام دين اجتماعي سمح، ليس فيه سلطة قاهرة تكبت الحريات وتمنع حق إبداء الرأي، وإنما هو دين يدعو إلى الشورى والنظر المشترك في الأمور الهامة وفي كل ما ينصلح به أحوال الإنسانية أفرادًا وجماعات، وفي كل أمر تحصل به العزة للمسلمين والسعادة للموحدين، فالشورى قاعدة من قواعد الشريعة وخُلق من أخلاق المؤمنين، ونظام الشورى هو أفضل نظام يمنع من التسلط والاستبداد ويبعث على المحبة والتواد، ولهذا امتدح الله المؤمنين الذين جعلوا المشورة قانونًا لهم في أعمالهم كما هو صريح آية الشورى سالفة البيان، وفي الحديث: (ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم) (١).
ولما للشورى من أهمية كبيرة في حياة الأمة فقد أمر الله نبيه ﵌ بمشاورة المؤمنين، وهو الذي يمتاز بكماله الروحي لاتصاله بالوحي الرباني، ومع ذلك فإن الله خاطبه بقوله: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمرِ) (٢). فإذا كانت
_________
(١) - مصنف ابن أبي شيبة تأليف العلامة المحدث أبي بكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي المتوفى سنة ٢٣٥هـ ج٥ص٢٩٨ حديث (٢٦٢٧٥) الناشر: مكتبة الرشد الرياض الطبعة الأولى ١٤٠٩هـ، والأدب المفرد تأليف العلامة الجليل والمحدث الكبير محمد بن اسماعيل، أبو عبدالله البخاري المتوفى سنة ٢٥٦هـ ج١ص١٠٠ حديث (٢٥٨) الناشر دار البشائر الإسلامية بيروت الطبعة الثانية ١٤٠٩هـ١٩٨٩م.
(٢) - الآية ١٥٩ سورة آل عمران.
1 / 10