163

Consultation in Islamic Law

الشورى في الشريعة الإسلامية

ژانرونه

المحرمات وانتهاك الحرمات، كما أنه يجب على ولاة الأمور أن يكونوا أصحاب عفو وصفح فيما قد يحصل من خطءٍ عليهم وأن لا يقاطعوا أصحاب الرأي من أهل الإيمان حتى وإن أخطؤوا، بل يجب التجاوز عنهم باعتبار أن أهل الشورى هم أهل أمانات، وقد أمر الله في سورة النساء بأداء الأمانات إلى أهلها فقال جل شأنه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا) (١) وإذا ما عدنا إلى سورة آل عمران نجد أن الحق سبحانه بعد أن أمر رسوله بالمشاورة قال: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فقد أمر الله جل وعلا رسوله وولي الأمر من بعده أن يتوكل على الله وأزجى إثر ذلك دعوة حارة للجميع في الدخول في محبة الله فقال: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). قال الإمام الفخر الرازي أن القوم لما انهزموا عن النبي ﵌ يوم أحد ثم عادوا لم يخاطبهم الرسول ﵌ بالتغليظ والتشديد، وإنما خاطبهم بالكلام اللين، ثم إنه ﵌ لما أرشدهم إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم كان من جملة ذاك أن عفا عنهم وذكر عدة فوائد في مشاورتهم فقال إن مشاورة الرسول ﵌ توجب علو شأنهم ورفعة درجتهم وذلك يقتضي شدة محبتهم له وخلوصهم في طاعته، ولو لم يفعل ذلك لكان ذلك إهانة بهم فيحصل سوء الخلق والفضاضة. (٢) قلت وهكذا ينبغي أن يكون ولاة الأمر حينما يشاورون أهل الرأي من المؤمنين حتى وإن أخطؤوا فإن ذلك يكون سببًا لمحبتهم، وقد دل الأمر لرسول الله صلى الله عليه وآلع وسلم بمشاورتهم أن للمؤمنين عند الله قدرًا وقيمة ومكانة حتى وإن أخطؤوا وكذلك عند الناس، وفيه دلالة أيضًا على أن من يحصل منه الخطأ مرة لا يمكن أن تكون القاعدة أن كل آرائه تكون خطأ.

(١) - الآية ٥٨ من سورة النساء. (٢) - انظر مفاتيح الغيب للإمام الكبير محمد عمر حسين التميمي البكري الشافعي الرازي ج٩ - ص٥٦ - المكتبة التوفيقية - القاهرة.

1 / 193