Conditions of Prayer in the Light of the Quran and Sunnah
شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة
خپرندوی
مطبعة سفير
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
٢٣
سلسلة مؤلفات سعيد بن علي بن وهف القحطاني
شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة
ناپیژندل شوی مخ
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في: «شروط الصلاة»، بيَّنت فيها بإيجاز: مفهوم شروط الصلاة، وشرحت الشروط بأدلتها من الكتاب والسنة.
وقد استفدت كثيرًا من تقريرات وترجيحات سماحة شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رفع الله درجاته في الفردوس الأعلى.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا،
1 / 3
وخالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به كلَّ من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر في ضحى يوم الجمعة الموافق ١٨/ ٨/١٤٢٠هـ
1 / 4
شروط الصّلاة
الشرط في اللغة: العلامة، ومنه قول الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ (١).
واصطلاحًا: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم (٢) لذاته (٣)، وشروط الصلاة تجب قبلها إلا النية فالأفضل مقارنتها لتكبيرة الإحرام، وتستمر الشروط حتى نهاية الصلاة، وبهذا فارقت الأركان التي تنتهي شيئًا فشيئًا؛ والأركان تتركب منها ماهية الصلاة، والشرط مع المشروط كالصفة مع الموصوف (٤)، وشروط الصلاة تسعة على النحو الآتي:
الشرط الأول: الإسلام، وضدُّه الكفر، والكافر
_________
(١) سورة محمد، الآية: ١٨.
(٢) الفوائد الجلية في المباحث الفرضية، للإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ص١٢.
(٣) مثل: الوضوء للصلاة يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة؛ لأنه شرط لصحة الصلاة، ولا يلزم من وجوده وجود الصلاة؛ فلو توضأ إنسان فلا يلزمه أن يصلي، انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، ٢/ ٨٥.
(٤) حاشية الروض المربع، ١/ ٤٦٠، و٢/ ١٢٢، وتوضيح الأحكام للبسام، ١/ ٤٣٧، والشرح الممتع، ٢/ ٨٧.
1 / 5
عمله مردود، ولو عمل أي عمل؛ لقول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ (١). وقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾ (٢).
الشرط الثاني: العقل، وضده الجنون، والمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق؛ لحديث علي بن أبي طالب ﵁ عن النبي ﷺ قال: «رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم» (٣).
الشرط الثالث: التمييز، وضده الصغر، وحدّه سبع سنين، ثم يُؤمر بالصلاة؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله
_________
(١) سورة التوبة، الآية: ١٧.
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٢٣.
(٣) أبو داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا، برقم ٤٤٠١، ٤٤٠٢، وابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه والصغير والنائم، برقم ٢٠٤١، ٢٠٤٢، والترمذي كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم ١٤٢٣، وغيرهم، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٢/ ٤ من حديث عائشة، وعلي وأبي قتادة ﵃.
1 / 6
عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع» (١). وهذه الشروط الثلاثة لكل عبادة، إلا الزكاة، فإنها تخرج من مال المجنون والصغير، وكذا الحج يصح من الصغير (٢).
الشرط الرابع: رفع الحدث، وهو الوضوء للحدث الأصغر، والغسل للحدث الأكبر؛ لقول الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (٣)؛
_________
(١) أخرجه أبو داود، برقم ٤٩٥، وأحمد، ٢/ ١٨٠، وتقدم تخريجه.
(٢) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، ٢/ ٨٧.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٦.
1 / 7
ولحديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ» (١)؛ولحديث عبد الله بن عمر رضي ... الله عنهما يرفعه: «لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول» (٢)؛ ولحديث علي ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» (٣).
الشرط الخامس: إزالة النجاسة من ثلاث: من البدن، والثوب، والبقعة.
أما إزالة النجاسة من البدن؛ فلأحاديث الاستنجاء، والاستجمار، وغسل المذي، فإنها تدل على وجوب الطهارة من النجاسة؛ لأن الاستنجاء والاستجمار وغسل المذي من البدن تطهير للبدن الذي أصابته نجاسة، ومن ذلك حديث أنس ﵁ قال: «كان رسول الله ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة (٤) من ماء،
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب ما جاء في الوضوء، برقم ١٣٥، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم ٢٢٥.
(٢) مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم ٢٢٤.
(٣) أبو داود، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم ٦١،والترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم٣،وصححه الألباني في إرواء الغليل،٢/ ٨.
(٤) الإداوة: الإناء الصغير.
1 / 8
وعنزة (١)، فيستنجي بالماء» (٢)؛ ولحديث المقداد في قصة علي ﵄ في المذي، وفيه: «فليغسل ذكره وأنثييه» (٣)؛ ولحديث ابن عباس ﵄ قال: مرّ النبي ﷺ بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» (٤).
وأما إزالة النجاسة من الثوب؛ فلحديث أسماء ﵂ قالت: جاءت امرأةٌ النبيَّ ﷺ فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع؟ قال: «تحتّه، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه وتصلي فيه» (٥)؛ ولأحاديث غسل بول الجارية ونضح بول الغلام ما لم يطعم، فعن علي ﵁
_________
(١) العنزة: الحربة الصغيرة.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب الاستنجاء بالماء، برقم ١٥٠، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز، برقم ٢٧١.
(٣) أبو داود، كتاب الطهارة، باب في المذي، برقم ٢٠٨، وغيره، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٤١، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الغسل، باب غسل المذي والوضوء منه، برقم ٢٦٩.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، بابٌ: من الكبائر أن لا يستتر من بوله، برقم ٢١٦، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول، برقم ٢٩٢.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم ٢٢٧، ومسلم، كتاب الطهارة، باب نجاسة الدم وكيفية غسله، برقم ٢٩١.
1 / 9
يرفعه: «بول الغلام يُنضح وبول الجارية يُغسل» (١). وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غسلا جميعًا (٢).
وأما إزالة النجاسة من البقعة؛ فلحديث أبي هريرة ﵁ قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي ﷺ: «دعوه وهَرِيقوا على بوله سجلًا من ماء، أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» (٣).
الشرط السادس: ستر العورة مع القدرة بشيء لا يصف البشرة، أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلى عريانًا وهو يقدر على ستر عورته (٤)، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمرأة كلها عورة إلا وجهها في الصلاة (٥)، لقول الله
_________
(١) أحمد، ١/ ٧٦، وأبو داود بنحوه، في كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب، برقم ٣٧٨، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ١٨٨.
(٢) أبو داود، كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب، برقم ٣٧٨، ٣٧٩، وسنن الترمذي، باب ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم، برقم ٧١، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ١٨٨، وأصله في البخاري برقم ٢٢٢، ومسلم برقم ٢٨٦.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، برقم ٢٢٠، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره، برقم ٢٨٤.
(٤) انظر: فتاوى ابن تيمية، ٢٢/ ١١٦.
(٥) ومن أهل العلم من قال: الأمة كالرجل عورتها من السرة إلى الركبة، ومنهم من قال: كالحرة كلها عورة إلا وجهها في الصلاة، وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبدالله ابن باز أثناء تقريره على شروط الصلاة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يقول: «والأحوط أن تستتر كالحرة خروجًا من الخلاف لعموم الأدلة في ستر عورة المرأة».
1 / 10
تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (١)؛ ولحديث عائشة ﵂ عن النبي ﷺ أنه قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» (٢). وعن سلمة بن الأكوع ﵁ قال: قلت: يا رسول الله، إني رجل أصيد، أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: «نعم وازرره ولو بشوكة» (٣).
وعن أم سلمة ﵂ أنها سألت النبي ﷺ تصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: «إذا كان الدّرعُ (٤) سابغًا (٥) يغطي ظهور قدميها» (٦).
_________
(١) سورة الأعراف، الآية: ٣١.
(٢) أبو داود، كتاب الصلاة، باب المرأة تصلي بغير خمار، برقم ٦٤١، والترمذي، وابن ماجه، كتاب الطهارة، باب إذا حاضت الجارية لم تصلِّ إلا بخمار، برقم ٦٥٥، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ٢١٤.
(٣) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يصلي في قميص واحد، برقم ٦٣٢، والنسائي، كتاب القبلة، باب الصلاة في قميص واحد، برقم ٧٦٦، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ٢٩٥.
(٤) الدرع: القميص.
(٥) سابغًا: واسعًا.
(٦) أخرجه أبو داود، في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم ٦٤٠، قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: «وصحح الأئمة وقفه». وقال الإمام الصنعاني: «وله حكم الرفع وإن كان موقوفًا إذ الأقرب أنه لا مسرح للاجتهاد في ذلك». انظر: سبل السلام، ٢/ ١٠٩، وقد أخرجه أبو داود موقوفًا بلفظ: «عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه أنها سألت أم سلمة ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؛ فقالت: «تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها» رقم ٦٣٩، وأخرجه مالك في الموطأ موقوفًا، ١/ ١٤٢، برقم ٣٦.
1 / 11
قال الإمام عبد العزيزبن عبد الله ابن باز –﵀: «الواجب على المرأة الحرة المكلفة ستر جميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه والكفين؛ لأنها عورة كلها، فإن صلت وقد بدا شيء من عورتها: كالساق، والقدم، والرأس أو بعضه لم تصح َّصلاتها» (١). وسمعته مراتٍ كثيرة يقول في حكم ستر الكفين في الصلاة: «الأفضل للمرأة أن تستر كفيها في الصلاة خروجًا من الخلاف، فإن لم تفعل فصلاتها صحيحة».
وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه: «وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإنما أسفل من سرته إلى ركبته من عورته» (٢). وعن أبي الأحوص عن عبد الله ﵁ عن النبي ﷺ
_________
(١) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ١٠/ ٤٠٩.
(٢) أحمد، ٢/ ١٨٧، بلفظه، وأبو داود بنحوه، في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم ٤٩٥،والبيهقي، ٣/ ٨٤، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ٣٠٢.
1 / 12
قال: «المرأةُ عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان» (١).
ولا بد من ستر العاتقين للرجل أو أحدهما عند القدرة؛ لحديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء» (٢). فظاهر الحديث يدل على لزوم ستر العاتقين جميعًا عند القدرة، فإن عجز فلا شيء عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (٣). ولقول النبي ﷺ في حديث جابر بن عبد الله ﵄ في الثوب الواحد: «فإن كان واسعًا فالتحف به وإن كان ضيقًا فاتزر به» (٤).
قال سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز – ﵀:
_________
(١) الترمذي، كتاب الرضاع، بابٌ: حدثنا محمد بن بشار، برقم ١١٧٣، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ٣٠٣.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، بابٌ: إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم ٣٥٩، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم ٥١٦.
(٣) سورة التغابن، الآية: ١٦.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، بابٌ: إذا كان الثوب ضيقًا، برقم ٣٦١، ومسلم، كتاب الزهد، باب حديث جابر الطويل، برقم ٣٠١٠.
1 / 13
«أما مع القدرة على ستر العاتقين أو أحدهما فالواجب عليه سترهما أو أحدهما في أصح قولي العلماء، فإن ترك ذلك لم تصح صلاته؛ لقوله ﷺ: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء» (١). والله ولي التوفيق» (٢).
الشرط السابع: دخول الوقت؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ (٣) أي مفروضًا في الأوقات؛ ولقوله سبحانه: ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ (٤)، وهذه الآية دخل فيها أوقات الصلوات الخمس، فقوله تعالى: ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ زوالها عن كبد السماء إلى جهة الغرب، وهو بداية دخول وقت صلاة الظهر، ويدخل في ذلك العصر، وقوله: ﴿إِلَى
_________
(١) متفق عليه: البخاري، برقم ٣٥٩، ومسلم، برقم ٣٠١٠، وتقدم تخريجه.
(٢) مجموع الفتاوى، جمع الدكتور عبدالله بن محمد الطيار، «الطهارة والصلاة»،ص١٨.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٠٣.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٨٧.
1 / 14
غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ أي: بداية ظلمة الليل، وقيل: غروب الشمس. وأخذ منه دخول وقت: صلاة المغرب وصلاة العشاء، ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ يعني صلاة الفجر، ففي هذه الآية إشارة مجملة إلى أوقات الصلوات الخمس (١).
أما أوقات الصلوات الخمس تفصيلًا فعلى النحو الآتي:
١ـ وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله؛ بعد فيء الظل؛ لحديث عبد الله بن عمرو ﵄ أن النبي ﷺ قال: «وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظلُّ الرجلِ كطوله، ما لم يحضر وقت العصر» (٢)؛ ولحديث جابر ﵁ في إمامة جبريل للنبي ﷺ في الصلوات الخمس في يومين، فجاءه في اليوم الأول فقال: «قم فصلِّه، فصلى الظهر حين زالت الشمس» ثم جاءه من الغد للظهر فقال: «قم فصله، فصلى الظهر حين صار
_________
(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٠/ ٥١٢ - ٥١٩، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، ص٧٩٢، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٤١٦.
(٢) مسلم، كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم ٦١٢.
1 / 15
ظل كل شيء مثله» ثم قال له في اليوم الثاني: «ما بين هاتين الصلاتين وقت» (١). ويسن الإبراد بصلاة الظهر في وقت الحر، لكن لا يخرجها عن وقتها؛ لحديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «إذا اشتد الحرُّ فأبردُوا بالصلاة، فإن شدّة الحرِّ من فيح جنهم» (٢).وسمعت سماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – ﵀ – يقول: «السنة تأخير صلاة الظهر في وقت الحر، سفرًا وحضرًا، لكن لو اعتاد الناس التبكير للمشقة عليهم بكر بالصلاة؛ لأن التأخير يشق عليهم» (٣)،أما في غير وقت اشتداد الحر
_________
(١) أحمد في المسند، ٣/ ٣٣٠، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي ﷺ، برقم ١٥٠، وحسنه، وقال: قال محمد [يعني الإمام البخاري]: «أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي ﷺ» ١/ ٢٨٢، وأخرجه النسائي، في كتاب الصلاة، باب آخر وقت العصر، برقم ٥١٣، والدارقطني، ١/ ٢٥٧ برقم ٣، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ١/ ١٩٥، وصححه الألباني في إرواء الغليل،
١/ ٢٧١، وأصل إمامة جبريل للنبي ﷺ في الصلوات الخمس، في صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم ٦١٠.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم ٥٣٣، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم ٦١٥.
(٣) سمعته من سماحته أثناء شرحه لبلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم ١٧١ وذلك في الجامع الكبير بالرياض، قبل عام ١٤٠٤هـ.
1 / 16
فالأفضل أن تصلى الصلاة في أول وقتها؛ لحديث عبدالله بن مسعود ﵁ قال: سألت رسول الله ﷺ: أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة في أول وقتها» (١)، وسمعت العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ﵀ يقول: «أي في أول وقتها بعد دخوله، ولو صليت في أثنائه أو في آخره فلا حرج، وقد كان ﷺ يصلي في أول الوقت، ويحافظ عليه إلا في حالين:
الحال الأولى في صلاة العشاء إذا تأخر الناس حتى يجتمعوا.
الحال الثانية في الظهر إذا اشتد الحر، وكان في المغرب أكثر تبكيرًا، وكان الصحابة يصلون ركعتين قبلها، أما
_________
(١) أخرجه الحاكم واللفظ له، وصححه ووافقه الذهبي، ١/ ١٨٩، والترمذي بنحوه، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل، برقم ١٧٠، ١٧٣ وحسنه، وأصله متفق عليه: البخاري، في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، برقم ٥٢٧، ولفظه: سألت النبي ﷺ أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قال: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قال: ثم أيّ؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». قال حدثني بهن رسول الله ﷺ، ولو استزدته لزادني». أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، برقم ٨٥.
1 / 17
بقية الأوقات فهي أوسع وقتًا من المغرب» (١).
٢ـ وقت العصر من خروج وقت الظهر، أي إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت صلاة العصر إلى أن تصفرَّ الشمس، أو إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وهو مقارب لاصفرار الشمس، لكن اصفرار الشمس أوسع، وهو الذي استقر عليه التوقيت، ويجب أن تقدم الصلاة قبل الاصفرار؛ لحديث عبد الله بن عمرو ﵄: «ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس» (٢)؛ ولحديث جابر ﵁ في إمامة جبريل للنبي ﷺ قال: «قم فصلِّه، فصلى العصر حين صار ظلُّ كل شيء مثله» ثم جاء في اليوم الثاني فقال: «قم فصله، فصلى العصر حين صار ظلُّ كل شيء مثليه» (٣). وهذا وقت الاختيار من ظل كل شيء مثله إلى اصفرار الشمس، أما وقت الضرورة فإذا اصفرت الشمس إلى غروب الشمس؛ لحديث أبي هريرة ﵁ أن
_________
(١) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ١٨٣ من بلوغ المرام.
(٢) مسلم، برقم ٦١٢، وتقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أحمد،٣/ ٣٣٠،والترمذي، برقم ١٥٠،والنسائي، برقم ٥١٣،وتقدم تخريجه.
1 / 18
رسول الله ﷺ قال: «من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» (١)، وإذا كان متعمدًا فقد أدرك الوقت مع الإثم؛ لقوله – ﵊: «تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلًا» (٢). أما إذا كان ناسيًا أو نائمًا فقد أدركها في الوقت وصلاها أداءً (٣).
٣ـ وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر؛ لحديث عبد الله بن عمرو ﵄: «ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق» (٤)، لكن الأفضل
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب المواقيت، باب من أدرك من الفجر ركعة، برقم ٥٧٩، ومسلم، كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم ٦٠٧.
(٢) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالعصر، برقم ٦٢٢.
(٣) سمعت ذلك من شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز أثناء شرحه لبلوغ المرام، حديث رقم ٧٣، وأثناء تقريره على الروض المربع، ١/ ٤٧١، وانظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للإمام ابن باز، ١٠/ ٣٨٤.
(٤) أخرجه مسلم، برقم ٦١٢، وتقدم تخريجه.
1 / 19
أن تُصلَّى في أول الوقت؛ لحديث جابر ﵁ في إمامة جبريل للنبي ﷺ أنه «جاءه المغرب فقال: قم فصلِّه فصلى المغرب حين وجبت الشمس» ثم جاءه في اليوم الثاني المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه (١)؛ ولحديث رافع بن خديج ﵁ قال: «كنا نصلي المغرب مع النبي ﷺ فينصرف أحدنا وإنه ليُبصرُ مواقع نبله» (٢). وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – ﵀ – يقول عن هذا الحديث إنه: «يدل على أن التبكير بالمغرب هو السنة المستقرة، لكن هذا لا يدل على أنَّ وقت المغرب وقتٌ واحد، بل آخر وقت المغرب هو غروب الشفق الأحمر» (٣). والسنة أن يصلي بعد الأذان ركعتين ثم تقام صلاة المغرب؛ لحديث عبد الله بن مغفل المزني ﵁ عن النبي ﷺ قال: «صلّوا قبل صلاة المغرب» قال في الثالثة:
_________
(١) أحمد، ٣/ ٣٣٠، والترمذي، برقم ١٥٠، والنسائي، برقم ٥١٣، وتقدم تخريجه.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب وقت المغرب، برقم ٥٥٩، ومسلم، باب بيان أنّ أوّل وقت المغرب عند غروب الشمس، برقم ٦٣٧.
(٣) سمعته من سماحته أثناء شرحه للحديث رقم ٣٨٣ من بلوغ المرام.
1 / 20
«لمن شاء» كراهية أن يتخذها الناس سنة (١). [أي طريقة واجبة مألوفة لا يتخلفون عنها] (٢). وفي رواية: «أن النبي ﷺ صلى قبل المغرب ركعتين» (٣). وفي حديث أنس ﵁: «وكنا نصلي على عهد رسول الله ﷺ ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب» (٤). وقال ﵁: «كنا في المدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما» (٥). وهذا يدل أن هذه السنة ثبتت بالقول والفعل، والتقرير.
وهذه الأحاديث تدلّ على أن السنة التبكير بصلاة المغرب بعد صلاة ركعتين عقب الأذان، وأن الوقت بين
_________
(١) البخاري، كتاب التهجد، باب الصلاة قبل المغرب، برقم ١١٨٣، ٧٣٦٨.
(٢) انظر: سبل السلام للصنعاني، ٣/ ١٤، وسمعت هذا المعنى من الإمام ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام حديث رقم ٣٨٣.
(٣) صحيح ابن حبان [الإحسان] ٣/ ٥٩، برقم ١٥٨٦.
(٤) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب، برقم ٨٣٦.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة، برقم ٦٢٥، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب، برقم ٨٣٧.
1 / 21