Commentary on the Interpretation of Al-Qurtubi - Abdul Karim Al-Khudair
التعليق على تفسير القرطبي - عبد الكريم الخضير
ژانرونه
يعني حينما قال: "يا سارية الجبل" وهم في غزو، وكشف لعمر -رضي الله تعالى عنه- أنهم: أشرفوا على الهزيمة فأمره -رضي الله تعالى عنه- أن يلجأ إلى الجبل ويقاتل من ورائه، وسمعه سارية وامتثل، وحصل لهم النصر، وهذا من الكرامات التي يعترف بها ويقر بها أهل السنة إذا صدرت من متبع.
قلت: وقد ذكر هذا الخبر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد له، وقد حدثني أبي ﵀ حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن ابن عباس ﵄ أنه قرأ: "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث" قال أبو بكر: فهذا حديث لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن، والمحدث هو الذي يوحى إليه في نومه؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي.
الثانية: قال العلماء: إن هذه الآية مشكلة من جهتين: إحداهما: أن قومًا يرون أن الأنبياء صلوات الله عليهم فيهم مرسلون وفيهم غير مرسلين، وغيرهم يذهب إلى أنه لا يجوز أن يقال نبي حتى يكون مرسلًا، والدليل على صحة هذا قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ [(٥٢) سورة الحج] فأوجب للنبي ﷺ الرسالة.
مقتضى قول الجمهور أن النبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه هذا يكون غير مرسل، وأما الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، ومقتضى قولهم: أنه نبي لكن غير رسول، وكل رسول نبي ولا عكس.
وأن معنى (نبي) أنبأ عن الله ﷿، ومعنى أنبأ عن الله ﷿ الإرسال بعينه، وقال الفراء: الرسول الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل ﵇ إليه عيانًا، والنبي الذي تكون نبوته إلهامًا أو منامًا، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا، قال المهدوي: وهذا هو الصحيح أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا، وكذا ذكر القاضي عياض في كتاب الشفا قال: والصحيح والذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا، واحتج بحديث أبي ذر وأن الرسل من الأنبياء ثلاثمائة وثلاثة عشر أولهم آدم وآخرهم محمد ﷺ، والجهة الأخرى التي فيها الإشكال وهي:
2 / 16