201

Commentary on Sunan an-Nasa'i - Al-Rajhi

شرح سنن النسائي - الراجحي

ژانرونه

شرح حديث المغيرة في المسح بالناصية وجانبي العمامة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب كيف المسح على العمامة.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن ابن سيرين قال أخبرني عمرو بن وهب الثقفي قال سمعت المغيرة بن شعبة قال: (خصلتان لا أسأل عنهما أحدًا بعد ما شهدت من رسول الله ﷺ، قال: كنا معه في سفر فبرز لحاجته، ثم جاء فتوضأ ومسح بناصيته وجانبي عمامته، ومسح على خفيه، قال: وصلاة الإمام خلف الرجل من رعيته، فشهدت من رسول الله ﷺ أنه كان في سفر فحضرت الصلاة، فاحتبس عليهم النبي ﷺ فأقاموا الصلاة وقدموا ابن عوف فصلى بهم، فلما سلم ابن عوف قام النبي ﷺ فقضى ما سبق به)].
هذا أخرجه البخاري في الصحيح، وفي الحديث الأول أن النبي ﷺ مسح على الناصية وعلى العمامة، أي: أكمل على العمامة.
وهذا الحديث فيه فوائد: ففيه جواز الاستعانة في الوضوء؛ لأن المغيرة صب عليه.
وفيه المسح على الخفين إذا لبسهما على طهارة.
وفيه المسح على العمامة.
وفيه أن الإمام إذا تأخر عن الوقت المعتاد فإن الناس يقدمون من يصلي بهم ولا يحبس الناس، فلهذا لما تأخر النبي ﷺ لقضاء حاجته ومعه المغيرة - وكان هذا في غزوة تبوك- قدم الصحابة عبد الرحمن بن عوف يصلي بهم، فإذا تأخر الإمام فإن المأمومين يقدمون من يصلي بهم، ولا يحبس الناس.
وفيه أنه لا ينبغي للإمام أن يغضب إذا تأخر، فيجمع بين السيئتين كما يفعل بعض الجهال، فبعضهم يقول للمأموم: أعد، أعد.
والذي ينبغي للمأمومين هو أن ينتظروه بعض الوقت، فإذا غلب على الظن أنه لا يأتي فإنهم يقدمون من يصلي بهم، كما فعل الصحابة في غزوة تبوك، حيث قدموا عبد الرحمن بن عوف، وكما تأخر النبي ﷺ لما ذهب للإصلاح بين بني عوف، حيث جاء بلال إلى أبي بكر فقال: إن رسول الله ﷺ قد حبس، وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تصلي بالناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلال الصلاة وتقدم أبو بكر ﵁، فكبر للناس، فجاء النبي ﷺ فتأخر أبو بكر، فأشار إليه النبي ﷺ أن يبقى لكنه تأخر.
ولهذا جاء في قصة عبد الرحمن بن عوف أن النبي ﷺ قال لهم: أحسنتم أو أصبتم.
ففيه جواز صلاة الإمام خلف الرجل من رعيته؛ فإن النبي ﷺ صلى خلف عبد الرحمن بن عوف وهو من رعيته، ومثله صلاة إمام الحي خلف واحد من المأمومين.
وفيه أن الأولى أن الإنسان إذا فاته شيء من الصلاة ومعه غيره لا يأتم أحدهما بالآخر، فكل واحد يقضي وحده، فإن النبي ﷺ والمغيرة فاتتهما ركعة، حيث جاءا ليصليا الفجر وقد صلى عبد الرحمن بن عوف ركعة، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي ﷺ يقضي الركعة التي فاتت، وقام المغيرة، ولم يأتم المغيرة بالنبي ﷺ، بل كل قضى وحده، وإن ائتم أحدهما بالآخر فلا حرج.
وفي القصتين أن الإمام إذا جاء ولم يفته شيء من الصلاة فلا بأس بأن يتقدم ويتأخر الإمام، كما فعل النبي ﷺ في قصة أبي بكر، وأما إذا فاته شيء من الصلاة فالأولى ألا يتقدم؛ حتى لا يشوش على الناس، كما فعل النبي ﷺ في قصة عبد الرحمن بن عوف؛ لأنه فاته ركعة، فلم يتقدم وصلى خلفه، وأما أبو بكر فإنه كان في الركعة الأولى، فتقدم النبي ﷺ.

6 / 33