Commentary on 'Al-‘Udda Sharh al-‘Umda' - Osama Suleiman
التعليق على العدة شرح العمدة - أسامة سليمان
ژانرونه
اختلاف العلماء في كون قصر الصلاة في السفر رخصة أم عزيمة
هل قصر الصلاة في السفر رخصة أم عزيمة؟ المسألة خلافية.
قال بعض السلف: من صلى في السفر أربعًا كمن صلى في الحضر ركعتين، وكأنهم يرون أن القصر عزيمة وليس رخصة؛ لأن الرخصة معناها: أن تقبلها أو لا تقبلها، لكن حينما نقول: القصر عزيمة فإنه يلزمك أن تقصر الصلاة.
وقد استدل الفريق الأول على أن القصر عزيمة بقول أمنا عائشة: فرضت الصلاة في السفر ركعتين ركعتين، ثم زيدت في الحضر.
فالأصل أنها ركعتان، وزادت في الحضر إلى أربع إلى غير ذلك من أدلة، لكن إن صليت مأمومًا فهذه مسألة أخرى.
والثابت: أن الصحابة كانوا يقصرون في السفر، والنبي ﷺ قصر في السفر، ولم يثبت أن أحدًا من الصحابة سافر ولم يقصر إلا عثمان، واعتذر له بأربعة اعتذارات عن فعله.
قال: (وللمسافر أن يتم)، إذًا: الإمام أحمد يرى أن القصر رخصة.
قال: (لقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ [النساء:١٠١]، مفهومه: أن القصر رخصة يجوز تركها، وعن عائشة أنها قالت: (خرجت مع رسول الله ﷺ في عمرة رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت؛ فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، أفطرت وصمت، وأتممت وقصرت، فقال: أحسنت)، رواه أبو داود الطيالسي)، وهو منكر؛ ولذلك سقط به الاستدلال.
قال الناظم: والمنكر الفرد به راو غدا تعديله لا يحمل التفردا يعني: انفرد به راو وهو غير ثقة وعدل، فإذا انفرد به راوٍ من طريق واحد يعتبر الحديث منكرًا.
فإذا انفرد به راوٍ لا تنسحب إليه العدالة فهو منكر.
قال الإمام أحمد: (والقصر أفضل؛ لأن النبي ﷺ وأصحابه داوموا عليه، وعابوا من تركه، قال عبد الرحمن بن يزيد: صلى عثمان أربعًا فقال عبد الله: صليت مع رسول الله ﷺ ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين، ثم انصرفت بكم الطرق، ولوددت أن حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان، متفق عليه)، يرى الإمام أحمد أن القصر أفضل؛ لأنه ثبت أن الصحابة جميعًا كانوا يقصرون في السفر، ولم يثبت عن واحد منهم أنه أتم إلا عثمان في منى، وقد تأول الجميع فعله رحمه الله تعالى.
فإن قال قائل: إن كنت مسافرًا ودخلت المسجد فوجدت الجماعة في التشهد الأخير، أأدخل مع الجماعة أم أنتظر؟
الجواب
ادخل مع الجماعة في الحال؛ لحديث: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، حتى ولم تدرك إلا التشهد، فالمختار: أن من أدرك الإمام في التشهد فقد أدرك الصلاة، فالسفر ليس رخصة لك في أن تترك الجماعة.
وإن قال قائل: أنا مسافر وأريد أن أقيم عشرة أيام.
أأقصر في أربعة أيام وأتم في ستة أيام؟
الجواب
ليس لك ذلك، بل تتم منذ نزولك من أول يوم؛ لأنك أصبحت في حكم المقيم.
قال: (ومن نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم)، يعني: أكثر من أربعة أيام.
(فإن لم يجمع على ذلك قصر أبدًا)، يعني: إن لم يدر متى سيعود يقصر أبدًا طالما أنه في سفر، فإن نوى الإقامة مدة أكثر من أربعة أيام فإنه يصبح في هذه الحالة في حكم المقيم.
قال: (لأن النبي ﷺ أقام بمكة فصلى إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها؛ لأنه قدم لصبح رابعة إلى يوم التروية، فصلى الصبح ثم خرج، فمن أقام مثل إقامته قصر، ومن زاد أتم.
قال أنس: أقمنا بمكة عشرًا نقصر الصلاة، ومعناه: ما ذكرناه؛ لأنه حسب خروجه إلى منى وعرفة، وما بعده من العشر).
أيها الإخوة الكرام! مسألة قصر الصلاة وصلاة أهل الأعذار من الأهمية بمكان، والعلماء قد اختلفوا فيها اختلافًا شديدًا، وفيها أقوال عديدة، ولكننا نجتهد على حسب القدرة في التماس الرأي الراجح، وهذا ما انتهينا إليه.
20 / 5