الإثنين 27 أبريل
شاع في المحبس أن مراد بك مات بالطاعون في الوجه القبلي. وكان الفرنساوية عندما اصطلحوا معه أعطوه إمارة الصعيد، ورتبوا لزوجته نفيسة في كل شهر مائة ألف فضة، فنزلوا بالمبلغ إلى النصف أي خمسين ألف بارة.
واكتشفت أن صديقي الحاج علي يعرفه معرفة شخصية. وقال لي إنه أشقر من بلاد القوقاز في الخميس من عمره مربوع القامة ذو وجه شركسي شاحب تحيط به لحية شقراء كثة وعينان ناريتان قاسيتان. وقال إنه كان ظالما غشوما مشهورا مختالا معجبا متكبرا، إلا أنه كان يحب العلماء، ويتأدب معهم، وينصت لكلامهم، ويميل طبعه إلى الإسلام والمسلمين، ويحب معاشرة الندماء والفصحاء والمتكلمين، ويناقل في الشطرنج، ويحب سماع الآلات والأغاني.
وحكى لي قصته، فقد كان من مماليك محمد بك أبي الذهب، أعتقه بعد أن اشتراه بأيام قليلة وأمره، وأنعم عليه بالإقطاعات الجليلة، وقدمه على أقرانه، وعشقه فشاركه فراشه، ثم زوجه بالست فاطمة أرملة الأمير صالح بك، وسكن داره العظيمة بخط الكبش.
فلما مات محمد بك اتفق رأي الأمراء على إمارة إبراهيم بك، وتزوج مراد أرملة علي بك السيدة نفيسة الجيورجية الجميلة الشهيرة بقوتها وثرائها. وعاش مترفا في الجيزة. وقضى مرة ست سنوات دون أن تطأ قدماه القاهرة تاركا حكمها لإبراهيم بك عاكفا على لذاته وشهواته، مرة بقصره الذي أنشأه بالروضة، وأخرى بجزيرة الذهب، وأخرى بقصر قايماز جهة العادلية، كل ذلك مع مشاركته لإبراهيم بك في الأحكام، والإبرام، والإيراد.
وصار يتنقل في تلك القصور والبساتين، ويركب للصيد في غالب أوقاته، وعمل له ترسخانة عظيمة، وطلب صناع آلات الحرب من المدافع والقنابر والبنب والجلل والمكاحل، واتخذ بها أيضا معامل البارود خلاف المعامل التي في البلد، وأخذ جميع الحدادين والسباكين والنجارين، فجمع الحديد المجذوب والرصاص والفحم والحطب حتى شحت جميع هذه الأدوات، وأحضر أناسا من القليونجية ونصارى الأروام وصناع المراكب، فأنشئوا له عدة مراكب حربية وغلايين، وجعلوا بها مدافع وآلات حرب على هيئة مراكب الروم، وجعل عليهم رئيسا كبيرا من اليونان، وهو الذي يقال له نقولا، وبقيت آلات الحرب جميعها والبارود بحواصله والجلل والبنبات حتى أخذ جميعه الفرنسيس.
السبت 2 مايو
شعرنا بعد الظهر بجلبة غير عادية في القلعة. وعرفنا أن زوجة ساري عسكر منو تركت بيت الألفي، وصعدت إلى القلعة برفقة أخيها علي الرشيدي لتكون في مأمن.
الأربعاء 13 مايو
شاع في الحبس وصول القادمين من الإنجليز والعثمانية إلى الرحمانية، وتملكهم قلعتها، وما بالقرب منها من الحصون.
ناپیژندل شوی مخ