وأخرج الزبير بن بكار في (الوفيات) عن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع أبي على معاوية فكان أبي يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي ويذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتما فانتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم، قلت: وما ذاك؟ قال: قلت وقد خلوت به: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فقد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه، فقال: هيهات هيهات أي ذكر أرجو بقاه؟ ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل أبو بكر، ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر، وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فأي عمل يبقى وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك لا والله إلا دفنا. ا ه.
قلت: الزبير بن بكار هذا هو قاضي مكة وهو مشهور في المحدثين ومن رواة الصحيح وغير متهم على معاوية لعدالته وفضله مع أن في آل الزبير انحرافا عن علي عليه السلام وأهل بيته.
قلت: والأثر له شاهد من جواب معاوية على الأنصار واستخفافه برسول الله صلى الله عليه وآله وأفعاله تدل على صحة هذه الرواية من استلحاقه زياد وغيرها من البوائق المخرجة عن الإسلام، وكقتلة حجرا وأصحابه، وإخافة الحرمين، وغير ذلك كثير، وكفاه لعن علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام على المنابر معاندة لرسول الله صلى الله عليه وآله وأمره لعماله بذلك.
مخ ۸۴