[المؤلف] قلت: كلام صاحب الرسالة قويم؛ إذ لا يكون الترجيح إلا بين الصحيحين، والعدالة مشروطة وكل على أصله والزيدية قاطبة لا يقولون بعدالة مخالفهم إنما قبلوا روايتهم مع ظاهر آية أو نحو ذلك مما تقدم ذكره، والإجماع الذي ذكره قد تقدم ما عليه من المواخذة فلا تغتر.
وقول صاحب الرسالة: ولأنه لا يرجح بالخبر حتى يعلم أنه غير منسوخ ولا مخصص ولا معارض بما هو أقوى منه من إجماع أو غيره.
إن كان أراد بالعلم هنا الظن فما اعترضه به الإمام محمد غير سديد، وإن أراد به اليقين فينفرد بذلك دون غيره كما قرر في الأصول، هذا فيما مرجعه الأحكام دون العقائد فلا يؤخذ فيها بالآحاد.
وأما اعتراضه كلام المترسل في تسميته أهل الحديث حشوية فقد نقل عن (ضياء الحلوم) أن الحشوية سموا بذلك؛ لكثرة قبولهم الأخبار من غير إنكار، ثم ذكر أن المحدثين انتدبوا للذب عن السنن وبيان صحيحها من سقيمها.
وأقول: إن ذلك واقع لقبولهم للأخبار المعارضة للقرآن كخبر الرؤية وغيرها من أخبار التجسيم والفضائل، فتراهم يروون لأبي بكر ما يقتضي أنه أفضل الصحابة، فإذا عدوا فضائل عمر رووا له ما يقتضي تفضيله على المصطفى صلى الله عليه وآله فضلا عن أبي بكر وعثمان بالأولى، وأما علي عليه السلام فإنهم إذا شموا روائح الشيعة ضعفوا ما روي فيه لأجل الشيعة.
وأما رده لما روي عن الحشوية من القول بجواز الكبائر على الأنبياء" لكلام الأشاعرة فغير صحيح كأنه ما علم أنا نعلم أن القاضي عياض والنووي ومن عده في كتابه هناك أشاعرة العقائد، وكلامنا في الظاهرية على أنه يلزم الكل من نفي التحسين والتقبيح العقليين وكون الكسب مجرد اعتبار، ولولا ضيق المقام لرميناهم بحجرهم لكن محل المسألة كتب الكلام.
مخ ۶۹