157

علم واصم

العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم

وقال: زعمت الحشوية أن هذه الأصوات التي نسمعها من هذا الإنسان عين كلام الله وهذا باطل؛ لأنا نعلم بالبديهة أن هذه الحروف والأصوات التي نسمعها من هذا الإنسان صفة قائمة بلسانه وأصواته، فلو قلنا بأنها عين كلام الله تعالى لزمنا القول بأن الصفة الواحدة بعينها قائمة بذات الله تعالى وحالة في بدن هذا الإنسان وهذا معلوم الفساد بالضرورة، وأيضا فهذا عين ما يقوله النصارى من أن أقنوم الكلمة حلت في ناصوة صريح، وزعموا أنها حالة في ناصوة عيسى عليه السلام ومع ذلك فهي صفة لله تعالى وغير زائلة عنه وهذا عين ما تقوله الحشوية من أن كلام الله تعالى حال في لسان هذا الإنسان مع أنه غير زائل عن ذات الله تعالى ولا فرق بين القولين إلا أن النصارى قالوا بهذا القول في حق عيسى عليه السلام وحده وهؤلاء الحمقى قالوا هذا الخبيث في حق كل الناس من المشرق إلى المغرب. ا ه كلامه.

أقول: إذا كان لفظي به غير مخلوق فقد أبطلتم خلق الله أفعال عباده؛ لأن اللسان واللهوات والشفتين مخلوقات ولفظ الحي وصوته مخلوق، وكذا الكاغد والمداد واليد والقلم المكتوب به مخلوقات فيلزم أن ذلك المذكور إما غير مخلوق لله وهو كلام المعتزلة، أو مخلوق له فكل مخلوق محدث وهذه مناقضة ظاهرة والتعدد في القدم يعرف هذا ضرورة وإنكاره مكابرة وإنكار للضرورة، وقد استقصينا كلامه ليعتبر به الناظر ويعرف مقدار المحدثين أصحاب الإمام محمد بن إبراهيم رحمه الله وكم بين كلامه وكلامهم من التفاوت، وكم كفروا من أهل الإسلام والدين فقد باء بها أحد الفريقين مع اعترافهم أن السؤال عن اللفظ بالقرآن عن كونه مخلوقا مما لم يبلغهم فيه شيء إلا عن ابن حنبل وبهذا خالفهم محمد بن إسماعيل البخاري ومن قال بقوله إن اللفظ به مخلوق، فثبت من قواعدهم أنهم مبتدعون في هذه المقالة وفي أمها كذلك لعدم الدليل على قدمه فهم في حيرتهم يترددون.

مخ ۱۸۰