منذ أن قرأت مقالات فون بار
11
قبل تسع سنوات، لم يترك أي عمل في علم التاريخ الطبيعي من الأعمال التي صادفتها انطباعا عظيما مثل هذا الذي تركه كتابك في نفسي، وأشكرك من أعماق قلبي على هذا المخزون العظيم من الآراء الجديدة الذي منحتني إياه. أظن أن طابع الكتاب هو الأفضل على الإطلاق؛ فهو يترك أثرا حتى لدى أولئك الذين لا يعرفون شيئا عن الموضوع. أما بخصوص مذهبك، فأنا مستعد لفعل أي شيء وتكبد عناء كل المخاطر، إن لزم الأمر، في سبيل تأييد الفصل التاسع ومعظم أجزاء الفصول الخامس والسادس والسابع، وأرى أن الفصل الثالث عشر يحوي الكثير من النقاط المثيرة جدا للإعجاب، لكني أدرجت «ملحوظة تنبيهية» عن نقطة أو اثنتين ريثما أستطيع التعمق في كل جوانب المسألة.
وبخصوص الفصول الأربعة الأولى، فأنا أتفق مع المبادئ المذكورة فيها تماما وكليا. أعتقد أنك قد قدمت سببا حقيقيا يفسر نشأة الأنواع، ورميت على كاهل خصومك عبء إثبات أن الأنواع لم تنشأ بالطريقة التي تفترضها.
لكني أشعر بأنني لم أدرك على الإطلاق حتى الآن مغزى الفصول الثالث والرابع والخامس، والتي أراها لافتة جدا وبديعة، لكني لن أكتب المزيد عنها الآن.
لم يخطر ببالي سوى اعتراضين وحيدين وهما: أولا، أنك أثقلت كاهلك بمشكلة بلا داع حين تبنيت مبدأ «لا قفزات في الطبيعة» بكل صراحة ... وثانيا أنني لا أرى ما يدعو إلى حدوث التباين أصلا، إذا كانت الظروف الطبيعية ذات أهمية ضئيلة جدا كما تفترض.
ومع ذلك، يجب أن أقرأ الكتاب مرتين أخريين أو ثلاثا قبل أن أتجرأ على البدء في اكتشاف الأخطاء.
إنني على يقين أنك لن تسمح لنفسك إطلاقا بأن تستاء أو تنزعج مما قد تتعرض له، إذا لم أكن مخطئا في توقعي، من إساءة بالغة وتحريف شديد. فلتثق بأنك كسبت امتنانا دائما من كل الرجال المفكرين. أما بخصوص الكلاب الوضيعة التي ستنبح وتعوي، فعليك أن تتذكر أن بعض أصدقائك، على أي حال، قد منحوا قدرا من نعمة التأهب للشجار، التي قد تنفعك جدا، وإن كنت قد استنكرتها مرارا كما ينبغي لك.
وها أنا ذا أشحذ مخالبي ومنقاري استعدادا لذلك.
عندما أعيد قراءة خطابي، أجد أنه ضعيف للغاية في التعبير عن كل خواطري تجاهك وتجاه كتابك النبيل إلى حد يخجلني بعض الشيء، لكنك ستفهم أنني، كما قال الببغاء في القصة، «أكن ما هو أكثر من ذلك».
ناپیژندل شوی مخ