چارلس ډاروین: د هغه ژوند او لیکونه (برخه لومړۍ): په خپلواکۍ سره د چارلز ډاروین د ځانګړنو سره
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
ژانرونه
لقد كان هذا العمل مشوقا للغاية في حد نفسه، وقد كان العمل لأجله، أمرا مبهجا بنحو لا يمكن التعبير عنه. لقد كان دائما على استعداد للاقتناع بأن أي تغيير مقترح هو تحسين، وكان يعبر دائما عن خالص امتنانه للجهد المبذول. ولا أعتقد أنه قد نسي أن يخبرني بمدى التحسين الذي قمت به في رأيه، ويكاد أن يعتذر إن لم يوافق على أحد التعديلات. وأعتقد أنني قد شعرت برقته وتواضعه الفريدين من خلال العمل معه، بطريقة لم أكن لأعرفها بأي سبيل آخر.
لم يكن يكتب بسهولة، وكان يميل إلى عكس جمله سواء في الحديث أو الكتابة؛ إذ كان يضع العبارة الوصفية قبل أن يوضح ما تصفه. وكان يصوب الكثير، وكان حريصا على التعبير عن نفسه بأفضل نحو ممكن قدر الإمكان.
ولعل القدر الأكبر من التعديلات اللازمة كان يتمثل في النقاط المبهمة بسبب حذف رابط ضروري في عملية التبرير المنطقي، ولا بد أن ذلك كان يتمثل في شيء كان قد حذفه لمعرفته المفصلة بالموضوع. لم يكن هذا ناتجا عن خطأ في تسلسل الأفكار لديه، وإنما إلى أنه لم ينتبه إلى أن الكلمات التي اختارها لا تعبر عن الفكرة المعروضة وذلك لأنه قد ألف الحجة التي يسوقها. وكثيرا ما كان يضع الكثير في الجملة الواحدة؛ فكان لا بد من تجزئتها إلى جملتين.
بوجه عام، إنني أرى أن أبي كان يبذل قدرا عظيما من الجهد في الجزء الأدبي من عمله، وقد كان ذلك بارزا للغاية. وكثيرا ما كان يسخر من نفسه أو يتذمر لما يجده من صعوبة في الكتابة باللغة الإنجليزية؛ فكان يقول مثلا بأنه إذا كان ثمة ترتيب سيئ للجملة يحتمل أن تكون عليه، فمن المؤكد أنه سيستخدمه. وفي إحدى المرات، شعر بالسرور والرضا عندما وجد أحد أفراد العائلة صعوبة في كتابة منشور قصير. وقد سر بتصحيح أخطائه والسخرية من النقاط المبهمة والجمل المعقدة وغير ذلك من العيوب؛ وبهذا فقد انتقم لنفسه من جميع النقد الذي كان عليه أن يتحمله. وقد اعتاد على أن يقتبس نصيحة الآنسة مارتينو إلى المؤلفين الشباب معبرا عن دهشته منها، وهي أن ينطلقوا في الكتابة ثم يرسلوا المخطوطات إلى جهة الطبع مباشرة دون تصويبها. بالرغم من ذلك، فقد كان يتصرف على نحو مشابه لذلك في بعض الأحيان. وحين كانت إحدى الجمل تتعقد على نحو لا أمل في إصلاحه، فإنه كان يسأل نفسه: «والآن، ما الذي تريد أن تقوله؟» وعادة ما كانت إجابته التي يدونها هي التي تزيل اللبس.
كان أسلوبه يحظى بالثناء؛ بالرغم من ذلك، فقد صرح لي خبير معروف بأن أسلوبه ليس جيدا. لكنه رغم كل شيء كان مباشرا وواضحا، وهو يشبه صاحبه في بساطته التي تقترب من السذاجة، وفي غياب الادعاء عنه. وكان لا يؤمن على الإطلاق بالفكرة الشائعة القائلة بأنه يجب على أي عالم أن يكتب بلغة إنجليزية سليمة، وكان يعتقد في الواقع أن العكس هو الصحيح. وكان يستخدم في الكتابة أحيانا، بعض التعبيرات القوية مثلما كان يفعل في الحديث؛ لذا، في الصفحة 440 من كتاب «أصل الأنواع»، يرد وصف لهدابيات الأرجل اليرقانية، يقول: «لها ستة أزواج من الأرجل جميلة التركيب المهيأة للسباحة، وزوج من الأعين المركبة الرائعة، وقرون استشعار غاية في التعقيد.» وقد اعتدنا أن نسخر منه بسبب هذه الجملة، وشبهناها بأحد الإعلانات. وتظهر هذه النزعة في الاستسلام للميل الحماسي في أفكاره، دون الخوف من أن يكون مضحكا، في مواضع أخرى من كتاباته.
لقد كانت نبرته الدمثة والودية نحو قارئه بارزة للغاية، ولا بد أن ذلك من الأمور التي أوشت بطبيعته العذبة إلى العديد ممن لم يروه أبدا. ولطالما شعرت بأنها حقيقة غريبة أن يكون الرجل الذي غير وجه العلوم الحيوية، وهو في هذا الشأن رائد العلماء المعاصرين، كان يكتب ويعمل بهذه الطريقة والروح اللتين لا تتسمان بالعصرية في جوهرهما. وعند قراءة كتبه، فإن المرء ليتذكر السابقين من علماء التاريخ الطبيعي، أكثر مما يتذكر كتاب المدرسة الحديثة. لقد كان عالما في التاريخ الطبيعي بالمعنى القديم للكلمة ؛ أي إنه رجل يعمل في العديد من فروع العلوم، ولا يتخصص في واحد منها فقط؛ ولهذا، فبالرغم من أنه قد أسس فروعا جديدة بأكملها من الموضوعات المميزة، مثل تلقيح الزهور والنباتات الآكلة الحشرات وثنائية الشكل وغير ذلك، فإنه حتى عند معالجته لمثل هذه الموضوعات لا يجعل القارئ يشعر بأنه يقرأ لعالم متخصص، بل يشعر أنه صديق يتحدث إليه صديقه الرجل الفاضل الدمث، وليس تلميذا يحاضره أستاذه. لقد كانت النبرة التي استخدمها في كتاب مثل «أصل الأنواع» ساحرة وعاطفية بعض الشيء؛ إنها نبرة رجل يقتنع بصدق أفكاره ولا يتوقع كثيرا أن يتمكن من إقناع الآخرين؛ فقد كان أسلوبه يناقض تماما أسلوب المتعصبين الذين يرغبون في إجبار الآخرين على الإيمان بآرائهم. إنه لا يشعر القارئ بأي ازدراء على الإطلاق لأي مقدار من الشك يمكن له أن يتخيله، وإنما يتعامل مع هذا الشك باحترام صبور. يبدو أن القارئ المتشكك وربما حتى القارئ غير العقلاني، كانا حاضرين دائما في تفكيره. وربما نتيجة لهذا الشعور، كان يبذل مجهودا كبيرا في النقاط التي كان يتصور أنها ستلفت نظر القارئ، أو توفر عليه المشقة فيغريه بالقراءة.
ولهذا السبب نفسه، كان يهتم اهتماما كبيرا بالرسومات التوضيحية في كتبه، وأعتقد أنه كان يوليها أكثر من قدرها. إن الرسومات التوضيحية في كتبه الأولى قد رسمها فنانون محترفون، وكان ذلك في كتاب «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين» وكتاب «نشأة الإنسان» وكتاب «التعبير عن الانفعالات في الإنسان والحيوان». أما في أعماله «النباتات المتسلقة» و«النباتات آكلة الحشرات» و«حركات النباتات» و«أشكال الزهور»، فقد كانت الرسومات التوضيحية الواردة فيها إلى حد كبير من رسم بعض أولاده؛ إذ كان أخي جورج هو من رسم معظمها. لقد كان من الممتع أن نرسم له؛ إذ كان يفرط في الثناء على أدائنا المتواضع جدا. وأنا أتذكر جيدا طريقته العذبة التي كان يستقبل بها رسومات إحدى زوجات أبنائه، وكيف أنه كان ينهي عبارات الثناء قائلا: «أخبر أ... أن رسومات مايكل أنجلو لا تساوي شيئا مقارنة بهذه .» وبالرغم من أنه كان يفيض في الثناء، فإنه كان يتفحص الرسومات وكان يكتشف بسهولة أي خطأ أو إهمال فيها.
كان لديه ذعر من الإسهاب الشديد، وكان يبدو منزعجا ومضطربا للغاية حين وجد أن كتاب «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين» يطول في يديه. وأتذكر أنه كان يتفق بشدة مع كلمات تريستام شاندي: «لا تدع أي إنسان يقول: هيا، فسوف أؤلف كتابا بقطع الاثني عشر.»
كان تقديره للمؤلفين الآخرين من سماته المميزة، مثلما كانت نبرته مع القارئ. فقد كان يتحدث عن جميع المؤلفين الآخرين كأشخاص يستحقون الاحترام. وفي الحالات، كما في حالة تجارب ... على نباتات جنس الندية، التي لم يكن يعتد كثيرا بالمؤلف، كان يتحدث عنه بطريقة لا تشي بذلك. وفي حالات أخرى، كان يتعامل مع الكتابات المرتبكة للجهلاء، كما لو أن الخطأ يقع على عاتقه أنه لم يفهمهم أو يقدرهم. وإلى جانب هذه النبرة العامة من الاحترام، فقد كانت له طريقة عذبة في التعبير عن رأيه في قيمة العمل المستشهد به، أو امتنانه لمعلومة خاصة قدمت إليه.
لم يكن شعوره الذي ينم عن الاحترام حميدا من الناحية الأخلاقية فحسب، بل أعتقد أنه قد أفاده من الناحية العملية؛ إذ جعله ذلك مستعدا للتفكير في أفكار جميع ضروب البشر وملاحظاتهم. وكان يكاد أن يعتذر عن ذلك قائلا إنه كان يميل في البداية إلى الإعلاء من قيمة أي شيء بنحو مرتفع للغاية.
ناپیژندل شوی مخ