چارلس ډاروین: د هغه ژوند او لیکونه (برخه لومړۍ): په خپلواکۍ سره د چارلز ډاروین د ځانګړنو سره
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
ژانرونه
لقد كانت دراسة الطبيعة الجيولوجية لجميع الأماكن التي نزورها من أهم الأمور؛ إذ كان الاستدلال المنطقي يؤدي في ذلك دورا كبيرا؛ فعند فحص منطقة جديدة للمرة الأولى، فإننا لا نجد شيئا أدعى للقنوط من فوضى الصخور، غير أن تسجيل ترتيب الطبقات، وطبيعة الصخور، والحفريات في أماكن متعددة، مع عمل بعض الاستنتاجات والتنبؤ بما سنجده في أماكن أخرى، سرعان ما يجعل معالم المنطقة وخصائصها تتضح شيئا فشيئا، ويصبح تركيب المنطقة بأكملها مفهوما إلى حد ما. كنت قد أحضرت معي الجزء الأول من كتاب لايل «مبادئ الجيولوجيا»، وهو الذي درسته بعناية كبيرة، وقد أفادني فائدة عظيمة في العديد من النواحي. وكان أول مكان أفحصه على الإطلاق، وهو سانت جاجو في جزر الرأس الأخضر (كيب دي فيردي)، قد كشف لي بوضوح عن التميز الرائع لأسلوب لايل في تناول علم الجيولوجيا، وذلك مقارنة بأسلوب أي مؤلف آخر كنت أصطحب أعماله في ذلك الوقت أو قرأت له بعد ذلك.
ومن المهام الأخرى التي كنت أقوم بها جمع الحيوانات من الفئات جميعها، مع وصفها باختصار وتشريح العديد من البحري منها. غير أنني لم أكن أستطيع الرسم، ولم أمتلك قدرا كافيا من المعرفة بعلم التشريح؛ ومن ثم فقد اتضح أن الكثير من الملاحظات التي دونتها في أثناء الرحلة عديم الفائدة بدرجة كبيرة. وبهذا، فقد أضعت الكثير من الوقت، فيما عدا الوقت الذي قضيته في اكتساب بعض المعرفة عن القشريات؛ إذ أفادني ذلك في سنوات لاحقة حين أجريت أفرودة عن هدابيات الأرجل.
كنت أقتطع جزءا من فترة النهار أكتب فيه يومياتي، وقد كنت أبذل قصارى جهدي كي أصف كل ما رأيته بدقة ووضوح شديد، وقد كان ذلك تدريبا جيدا. وكذلك كانت مفكرتي في جزء منها بمنزلة خطابات إلى عائلتي، وقد كان بعضها يرسل إلى إنجلترا متى سنحت الفرصة بذلك.
بالرغم من ذلك، فكل ما ذكرته سابقا من هذه الدراسات المتنوعة المتخصصة لا يعدل في أهميته عادة المثابرة والانتباه الشديد لأي شيء أكون منخرطا فيه، والتي اكتسبتها حينذاك. وقد كان لكل ما أفكر فيه أو أقرؤه صلة مباشرة بما أراه أو ما هو متوقع أن أراه، وقد استمرت معي هذه العادة الذهنية على مدى السنوات الخمس التي قضيتها في الرحلة. وأنا متيقن من أن هذا التدريب هو ما مكنني من القيام بأي شيء قد أنجزته في مجال العلوم.
وإذ أعيد النظر في الماضي، أدرك الآن أن حبي للعلوم قد طغى بالتدريج على جميع اهتماماتي الأخرى. فعلى مدى العامين الأولين، استمر معي شغفي القديم بالصيد بالدرجة نفسها تقريبا، وقد اصطدت بنفسي جميع الطيور والحيوانات التي اقتنيتها في مجموعتي، لكنني قد بدأت أتخلى عن بندقيتي شيئا فشيئا، ثم أعطيتها لخادمي؛ إذ كان الصيد يتداخل مع عملي، لا سيما مع فهم التركيب الجيولوجي لبلد ما. وقد اكتشفت، وإن كان ذلك بنحو غير واع وغير محسوس، أن المتعة التي أجنيها من الملاحظة والاستدلال هي أكبر كثيرا من المتعة التي كنت أجنيها من المهارة والرياضة. وأما ما إذا كان ذهني قد أصبح أكثر تطورا من خلال ما قمت به في الرحلة من أبحاث ومجهودات، فهو أمر مرجح، ويدل على ذلك تعليق أبي، والذي كان أكثر من عرفتهم دقة في الملاحظة، وكان أيضا ذا نزعة شكوكية وغير مؤمن على الإطلاق بعلم فراسة الدماغ: إذ فور أن رآني بعد عودتي من الرحلة، استدار إلى أخواتي وقال لهن باندهاش: «عجبا! لقد تغير شكل رأسه بعض الشيء.»
لنعد الآن ثانية إلى الرحلة. في الحادي عشر من سبتمبر (عام 1831)، ذهبت مع فيتزروي في زيارة سريعة إلى سفينة «البيجل» في بليموث، ومن هناك ذهبت إلى شروزبيري لكي أودع أبي وأخواتي لأني توقعت أني لن أراهم لفترة طويلة. وفي الرابع والعشرين من أكتوبر، أقمت في بليموث وظللت هناك حتى السابع والعشرين من ديسمبر، وذلك حين غادرت «البيجل» أخيرا شواطئ إنجلترا لكي تذهب في رحلتها للإبحار حول العالم. كنا قد حاولنا الإبحار مرتين قبل ذلك، غير أن العواصف العاتية كانت تعيدنا مرة أخرى. وقد كان هذان الشهران اللذان قضيتهما في بليموث هما الأكثر تعاسة على الإطلاق، بالرغم من أنني كنت أشغل نفسي فيها بشتى الطرق؛ فقد كنت مغموما لابتعادي عن عائلتي وأصدقائي لفترة طويلة، وقد بدا لي الطقس كئيبا بدرجة لا يمكن وصفها. وكذلك كنت أعاني من ألم في القلب وعدم انتظام نبضاته، ومثل غيري العديد من الشباب معدومي الخبرة، ولا سيما مع معرفتي السطحية بالطب، فقد كنت مقتنعا بأنني أعاني من مرض في القلب. لم أستشر أي طبيب؛ إذ إنني كنت أتوقع أن أسمع حكمه بأنني غير صالح للذهاب في الرحلة، وكنت قد عزمت على الذهاب بالرغم من جميع المخاطر.
لا أحتاج هنا إلى سرد أحداث الرحلة - الأماكن التي زرناها وما فعلناه فيها - إذ إنني قد قدمت وصفا كافيا لذلك في يومياتي التي نشرت. إن عظمة نباتات المناطق الاستوائية ما تزال تتجلى الآن أمام ذهني بحيوية أكثر من أي شيء آخر؛ رغم أن ما أثارته في الصحاري العظيمة في باتاجونيا والجبال المكسوة بالغابات في أرخبيل تييرا ديل فويجو من إحساس بالجلال قد ترك في ذهني انطباعا لا يمحى. وكذلك فإن رؤية همجي عار في موطنه الأصلي لهو مشهد لا ينسى. كما كانت العديد من جولاتي في المناطق البرية، التي كنت أقوم بها على ظهر جوادي أو على متن القوارب والتي كان بعضها يستمر لأسابيع، مثيرة للغاية، ولم يكن ما كنت أجده فيها من المشقة وبعض المخاطر سوى عقبة يسيرة في ذلك الوقت، لكنها حتى لم تعد كذلك فيما بعد. وإنني لأنظر إلى بعض إنجازاتي العلمية فيها برضا كبير؛ مثل حل مشكلة الجزر المرجانية، والتوصل إلى التركيب الجيولوجي لجزر معينة؛ مثل جزيرة سانت هيلينا. وكذلك لا يمكنني إغفال اكتشاف العلاقات المميزة التي تربط بين الحيوانات والنباتات التي تستوطن العديد من الجزر في أرخبيل جالاباجوس، وعلاقتها جميعا بسكان أمريكا الجنوبية.
أستطيع القول إنني قد بذلت قصارى جهدي في الرحلة وكان ذلك نابعا من استمتاعي الخالص بالبحث، وكذلك من رغبتي القوية في إضافة القليل من الحقائق إلى هذا القدر الضخم من الحقائق المعروفة في مجال العلوم الطبيعية. غير أنني كنت أطمح أيضا إلى أن أحظى بمكانة جيدة بين رجال العلم؛ أما ما إذا كنت أكثر طموحا من معظم زملائي في العمل في الرحلة أم لا، فذلك ما لا أستطيع تكوين رأي بشأنه.
لقد كانت الطبيعة الجيولوجية لسانت جاجو، لافتة للنظر بنحو كبير بالرغم من بساطتها؛ فقد تدفق فيها فيما مضى تيار من الحمم البركانية على قاع البحر المكون من الأصداف والمرجانيات المسحوقة الحديثة، وهو الذي حولته إلى صخر صلب أبيض. لقد ارتفعت الجزيرة بأكملها إلى الأعلى منذ ذلك الحين، لكن خط الصخر الأبيض قد كشف لي حقيقة جديدة ومهمة، وهي أنه قد حدث بعد ذلك هبوط حول فوهات البراكين، التي كانت نشطة منذ ذلك الحين وصبت المزيد من الحمم البركانية. لقد خطر لي في بداية الأمر حينذاك أنني قد أكتب كتابا عن الطبيعة الجيولوجية للبلاد المختلفة التي زرتها، وقد ملأني ذلك بالحماسة والسرور. لقد كانت تلك ساعة لا تنسى، وإنني ما زلت أتذكر بوضوح ذلك المنحدر المنخفض الذي يتكون من الحمم البركانية، والذي جلست أستريح تحته، بينما تتوهج الشمس بالحرارة، وتنمو بالقرب مني بعض النباتات الصحراوية الغريبة، ومن تحت أقدامي توجد المرجانيات الحية في البرك التي يصنعها المد والجزر. وفي وقت لاحق في الرحلة، طلب مني فيتزروي أن أقرأ عليه بعضا من مذكراتي، وقد قال بأنها تستحق النشر؛ وهكذا فقد أصبح لدي مشروع كتاب آخر!
وقبيل نهاية الرحلة، تلقيت خطابا من أخواتي، عندما كنت في أسينشان، جاء فيه أن سيجويك قد زار والدي وأخبره بأنني سأتبوأ مكانة كبيرة بين رجال العلم البارزين. لم أفهم في ذلك الوقت كيف تسنى له أن يعرف أي شيء عما كنت أقوم به، لكنني سمعت (بعد ذلك على ما أعتقد) أن هنزلو قد قرأ بعضا من الخطابات التي أرسلتها له على الجمعية الفلسفية في كامبريدج،
ناپیژندل شوی مخ