چارلس ډاروین: د هغه ژوند او لیکونه (برخه لومړۍ): په خپلواکۍ سره د چارلز ډاروین د ځانګړنو سره
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
ژانرونه
لقد كنت أحتفظ بسجل دقيق أدون فيه جميع الطيور التي صدتها على مدى الموسم. وفي أحد الأيام، بينما كنت أصطاد في وودهاوس مع الابن الأكبر العقيد أوين، وابن عمه الرائد هيل، الذي أصبح فيما بعد لورد بيريك، واللذين كنت أكن لهما حبا جما، اعتقدت أنهما يستغلانني مع الأسف؛ فكلما أطلقت النار وظننت بأنني قتلت طائرا، تظاهر أحدهما بأنه يعيد حشو بندقيته، وصاح: «يجب عليك ألا تعد هذا الطائر؛ إذ إنني أطلقت النار عليه في الوقت نفسه.» وإذ أدرك القائم على منطقة الصيد المزحة، فإنه كان يجاريهما. وبعد بضع ساعات، أخبراني بالمزحة، لكنها لم تكن مزحة بالنسبة لي على الإطلاق؛ إذ إنني كنت قد أصبت عددا كبيرا من الطيور، لكنني لم أعرف عددها على وجه التحديد، ولم أستطع إضافتها إلى قائمتي، وهو ما اعتدت فعله من خلال عمل عقدة في قطعة من الخيط أربطها بعروة أحد أزرار ملابسي. وهذا ما اكتشفه صديقاي الخبيثان .
كم كنت أستمتع بالصيد، لكنني أعتقد أنني كنت أخجل من هذا الحماس، ولم أكن واعيا بذلك تماما؛ لأنني طالما حاولت أن أقنع نفسي بأن الصيد تمرين فكري؛ إذ يتطلب الكثير من المهارة لتحديد المكان الذي تجد فيه الكثير من الحيوانات والطيور التي يمكن اصطيادها، وكذلك للاستخدام الجيد للكلاب في الصيد.
ومن الزيارات الخريفية التي لا يمكنني نسيانها، زيارتي إلى مير عام 1827؛ إذ التقيت فيها السير جيه ماكينتوش، وهو أفضل متحدث قد استمعت إليه على الإطلاق. وقد سمعت بعد ذلك أنه قال: «إنني أجد في هذا الشاب شيئا مثيرا للاهتمام.» مما جعلني أشعر بالفخر. ولا بد أن قد قال ذلك بصفة أساسية، لما قد لمسه مني من اهتمام بجميع ما يقوله؛ إذ إنني لم أكن أفقه شيئا على الإطلاق فيما كان يتحدث فيه من موضوعات عن التاريخ والسياسة وفلسفة الأخلاق. وأعتقد أنه لأمر جيد أن يسمع شاب مثل هذا الثناء من رجل عظيم مثله؛ إذ إنه سيساعده على أن يظل على المسار الصحيح، بالرغم من أنه من الممكن أو حتى من المؤكد أن يثير فيه الغرور.
كانت زياراتي إلى مير على مدى هاتين السنتين أو الثلاث التالية، ممتعة للغاية، بغض النظر عن رحلات الصيد الخريفية. لقد كنا نتمتع في الحياة هناك بكامل الحرية؛ فقد كان الريف هناك جميلا للسير أو الركوب، وفي المساء، كانت تدور بيننا محادثات ممتعة للغاية، ولم تكن محادثات شخصية بدرجة كبيرة، وذلك كما هي العادة في تجمعات الأسر الكبيرة، وكذلك كنا نستمتع ببعض الموسيقى. وفي الصيف، اعتادت الأسرة بكاملها على الجلوس على درجات الرواق المعمد القديم؛ حيث تقع حديقة الزهور من أمامه، ويظهر انعكاس الضفة الخشبية المنحدرة والموجودة في الجهة المقابلة من المنزل، على البحيرة والتي نجد فيها بين الحين والآخر، سمكة تطل من الماء أو طائرا مائيا يجدف في مائها. كانت هذه الأمسيات التي قضيتها في مير، هي أكثر ما قد ترك في ذهني صورة بهذه الحيوية. كما أنني كنت شديد التعلق بعمي جوز وكنت أبجله للغاية؛ فقد كان قليل الكلام ومتحفظا، وهو ما قد يجعل منه رجلا مريعا إلى حد ما، غير أنه كان يتحدث معي في بعض الأحيان. لقد كان مثالا للرجل المستقيم، الذي يمتاز بحسن التقدير. ولا أعتقد أن قوة على الأرض كانت تجعله يحيد ولو بوصة واحدة عما كان يعتقد أنه المسار الصحيح. وقد اعتدت على أن أربطه في ذهني بتلك القصيدة الغنائية الشهيرة لهوراس، التي نسيتها الآن، لكنني أتذكر منها بعض الكلمات، مثل: «التهديد الناتج عن غضب طاغية.» (1) كامبريدج في الفترة من 1828 إلى 1831
بعد أن قضيت سنتين دراسيتين في إدنبرة، أدرك والدي، أو لعله قد سمع من أختي، أنني لا أرغب في أن أكون طبيبا؛ لذا فقد اقترح علي أن أصبح من رجال الدين. لقد كان معارضا تماما لفكرة أن أصبح رجلا لاهيا عاطلا، وهو ما بدا آنذاك على أنه وجهتي المرجحة. طلبت منه بعض الوقت لأفكر في الأمر؛ إذ من القدر القليل الذي سمعته أو فكرت فيه بشأن الموضوع، كنت مترددا بشأن تصريحي بالإيمان بجميع العقائد الثابتة التي تتبناها كنيسة إنجلترا، رغم أنني قد أعجبتني فكرة أن أكون قسا بالريف. وبناء على ذلك، فقد قرأت كتاب بيرسون عن العقيدة بعناية وحرص، وكذلك بضعة كتب عن الألوهية؛ وإذ لم تساورني أي شكوك على الإطلاق حينها في الحقيقة المؤكدة والحرفية لكل كلمة من الإنجيل، فسرعان ما أقنعت نفسي بأنه لا بد أن عقيدتنا مقبولة تماما.
وبالنظر إلى شدة ما تعرضت له من هجوم من جانب المتدينين المتشددين؛ فإنه ليبدو أمرا مثيرا للسخرية أنني كنت أنتوي ذات يوم أن أصبح من رجال الدين. أنا لم أتخل قط عن نيتي تلك وكذلك لم يتخل أبي عن أمنيته هذه، غير أنهما قد ماتتا على نحو طبيعي حين غادرت كامبريدج وانضممت إلى رحلة «البيجل» بصفتي مختصا في التاريخ الطبيعي. ولئن كان من الممكن أن نثق بعلماء الفراسة، فإنني كنت سأصلح من أحد الجوانب لأن أكون رجل دين؛ فقبل بضع سنوات، أرسل إلي أمناء أحد الجمعيات الألمانية المعنية بعلم النفس، خطابا يحثونني فيه على أن أرسل إليهم صورة فوتوغرافية لي، وبعد ذلك بفترة قصيرة، تلقيت منهم خطابا بمجريات أحد الاجتماعات، وقد بدا منه أن شكل رأسي كان محل نقاش عام، وقد أعلن أحد المتحدثين أن رأسي به ذلك الانتفاخ الذي يدل على التبجيل، وهو كبير بما يكفي لعشرة من القساوسة.
ونظرا لاتخاذ القرار بأن أكون من رجال الدين، فقد كان لزاما علي أن ألتحق بإحدى الجامعات الإنجليزية وأن أنال شهادة منها، لكن نظرا لأنني لم أفتح كتابا كلاسيكيا واحدا منذ أن غادرت المدرسة، فقد هالني أنني اكتشفت نسياني لكل ما تعلمته، بالرغم من أن ذلك قد يبدو غير معقول، وذلك في السنتين الفاصلتين فحسب، حتى إنني لم أعد أتذكر سوى القليل من الحروف اليونانية؛ ولهذا، فإنني لم أتابع إجراءات الالتحاق بكامبريدج في الوقت المعتاد في أكتوبر، بل درست مع معلم خاص في شروزبيري وذهبت إلى كامبريدج بعد عطلة أعياد الميلاد، في بداية عام 1828. وسرعان ما استعدت معرفتي الملائمة لمستوى المدرسة وكنت أستطيع ترجمة السهل من الكتب اليونانية، مثل ملحمتي هوميروس والإنجيل باليونانية، بمهارة متوسطة.
وبالنسبة إلى السنوات الثلاث التي قضيتها في كامبريدج، فقد كان ذلك وقتا مهدرا، ولم تكن الدراسة الأكاديمية فيها تختلف شيئا عن الدراسة في إدنبرة أو المدرسة. اخترت دراسة الرياضيات، وذهبت حتى في صيف عام 1828 مع معلم خاص (وهو رجل ممل للغاية) إلى بارماوث، لكنني كنت أتقدم فيها ببطء شديد؛ فقد كانت دراستها منفرة بالنسبة لي، وقد كان السبب الأساسي في ذلك هو أنني لم أستطع أن أجد أي معنى في المراحل الأولى لدراسة علم الجبر. ولم يكن هذا التعجل سوى حماقة مني، وقد أسفت بعد ذلك أسفا شديدا على أنني لم أواصل الدراسة حتى أتمكن على الأقل من فهم المبادئ الأساسية في الرياضيات بدرجة كافية؛ إذ يبدو أن الرجال الذين تمكنوا من ذلك يتمتعون بحاسة إضافية، غير أنني أعتقد أنني لم أكن لأحرز سوى درجة ضعيفة للغاية فيها. وأما بالنسبة إلى الكلاسيكيات، فلم أفعل شيئا سوى أنني قد حضرت عددا قليلا من المحاضرات الإجبارية، وقد كان حضورا شكليا فحسب. وفي عامي الثاني، كان علي أن أذاكر على مدى شهر أو شهرين لكي أنجح في الاختبار التمهيدي لنيل درجة الليسانس، وهو ما تمكنت من فعله بسهولة. ومرة أخرى في عامي الأخير، رحت أدرس ببعض الحماس كي أنال شهادتي النهائية، فراجعت الأعمال الكلاسيكية مع القليل من الجبر وحساب إقليدس، وهذا الأخير كنت أستمتع به بدرجة كبيرة، كما كانت هي الحال في المدرسة. ولكي أجتاز اختبار الليسانس، كان علي أيضا أن أدرس كتابي «براهين المسيحية» و«الفلسفة الأخلاقية» لبيلي. وقد درستهما بتدقيق، وأنا مقتنع بأنني كنت سأتمكن من أن أعيد كتابة الكتاب الأول بأكمله دون خطأ واحد، لكنني لم أكن لأتمكن بالطبع من كتابته بتلك اللغة الواضحة التي كتبه بها بيلي. وقد استمتعت بمنطق هذا الكتاب وكذلك بمنطق كتابه «اللاهوت الطبيعي»، قدر ما كنت أستمتع بحساب إقليدس. وقد كانت دراسة هذه الأعمال دراسة متأنية دون محاولة حفظها عن ظهر قلب، هي الجزء الوحيد من الدراسة الأكاديمية الذي كنت أرى آنذاك وما زلت أرى كذلك، أنه الجزء الأقل فائدة في تثقيف عقلي. لم أكن أفكر آنذاك في فرضيات بيلي، وإذ كنت أصدقها دون شك، فقد كنت مفتونا بالمسار الجدلي الطويل الذي اتخذه، وكنت مقتنعا به. ولما أن أجبت جيدا عن الأسئلة المتعلقة بكتب بيلي في الاختبار، وكذلك فيما يتعلق بإقليدس، ولم أفشل فشلا ذريعا فيما يتعلق بالأعمال الكلاسيكية؛ فقد حصلت على مرتبة جيدة بين الطلاب الذين لم يحصلوا على أعلى الدرجات. ومن الغريب أنني لا أستطيع أن أتذكر ترتيبي بالتحديد، وتتأرجح ذاكرتي بين المرتبة الخامسة والعاشرة والثانية عشرة في القائمة. [لقد ورد اسمه في المرتبة العاشرة بقائمة يناير 1831.]
كانت المحاضرات العامة عن فروع متعددة من المعارف والعلوم تلقى في الجامعة، وكان حضورها طوعيا إلى حد ما، لكنني كنت قد ضقت ذرعا بالمحاضرات في إدنبرة حتى إنني لم أحضر محاضرات سيجويك التي كانت تتميز بالبلاغة والإمتاع، ولربما لو فعلت ذلك، لأصبحت عالم جيولوجيا في وقت سابق على ما فعلت. وبالرغم من ذلك، فقد كنت أحضر محاضرات هنزلو عن علم النبات، وأحببتها للغاية لوضوحها الشديد وما كان يحضره هنزلو من رسومات توضيحية رائعة، لكنني لم أدرس علم النبات. وقد اعتاد هنزلو أن يأخذ طلابه، ومنهم عدد من الأعضاء الأقدم في الجامعة، في رحلات ميدانية، سيرا على الأقدام أو في العربات أو في قارب عبر النهر، لأماكن بعيدة، ويلقي محاضراته عن النباتات والحيوانات النادرة التي يشاهدونها هناك. وقد كانت هذه الرحلات ممتعة.
بالرغم من أن هناك بعض الجوانب الأخرى المضيئة فيما قضيته من وقت في كامبريدج، وذلك كما سنرى الآن، فقد كان وقتا مهدرا للأسف، بل أسوأ من ذلك. فنظرا لحبي الشديد للقنص والصيد، ولركوب الخيل في الريف حين لم يكن ذلك متوفرا، انضممت إلى مجموعة رياضية والتي كان من أعضائها بعض الفتيان المتهتكين محدودي التفكير. وقد اعتدنا على أن نلتقي مساء للعشاء معا في معظم الأحيان، وكثيرا ما كان يحضر هذه الأمسيات بعض من الرجال الأعلى منزلة، وأحيانا كنا نفرط في الشراب وننطلق في غناء مرح ثم نلعب بعض ألعاب الورق بعد ذلك. إنني أدرك أنه يجدر بي أن أخجل من الأيام والأمسيات التي قضيتها على هذه الحال، لكني لما كنت أستمتع بصحبة بعض أصدقائي، وقد كنا نقضي وقتا مبهجا للغاية، فلا يسعني إلا أن أشعر بالسرور الشديد حين أستعيد ذكرياتي في هذه الأوقات.
ناپیژندل شوی مخ