چارلس ډاروین: د هغه ژوند او لیکونه (برخه لومړۍ): په خپلواکۍ سره د چارلز ډاروین د ځانګړنو سره
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
ژانرونه
حدث واحد صغير في هذا العام ظل حاضرا في ذهني لا يبرحه، وأتمنى أن يكون ذلك لما كان يشعر به ضميري من ذنب شديد، وإنه لأمر غريب إذ يوضح أنني كنت مهتما بتنوع النباتات واختلافها وأنا في مثل هذه السن الصغيرة! كنت قد أخبرت فتى آخر (وأظن أنه لايتون، وهو الذي أصبح فيما بعد عالما مشهورا في علم الأشنات والنبات) أنني أستطيع إنتاج نرجسيات وزهور الربيع المختلفة الألوان، وذلك من خلال سقيها بسوائل ملونة معينة، وما كان ذلك بالطبع إلا خرافة شنيعة قد اختلقتها ولم أجربها قط. ويمكنني أن أعترف هنا أيضا بأنني كنت أميل في صغري إلى اختلاق مزاعم كاذبة عن عمد، وقد كان ذلك دوما لخلق بعض الإثارة؛ فعلى سبيل المثال، كنت قد جمعت في أحد الأيام بعض الفواكه الثمينة من أشجار أبي وخبأتها في الشجيرات، ثم انطلقت أجري لاهث الأنفاس لكي أعلن أنني قد عثرت على كنز من الفاكهة المسروقة.
لا بد أنني كنت فتى ساذجا للغاية في بداية عهدي بالمدرسة وذهابي إليها؛ ففي أحد الأيام، اصطحبني ولد يدعى جارنيت إلى متجر كعك، واشترى بعضا منه لكنه لم يدفع ثمنه؛ إذ كان البائع يثق به. وحين خرجنا سألته عن السبب في عدم دفعه الثمن، فأجابني على الفور: «ألا تعرف أن عمي قد منح البلدة مبلغا هائلا من المال شريطة أن يعطي كل تاجر أي شخص يرتدي قبعته القديمة ويحرك [إياها] بطريقة معينة ما يرغب فيه دون مقابل؟» وبعد ذلك، أراني كيفية تحريكها، ثم دخل متجرا آخر يتمتع فيه بالثقة كذلك، وطلب غرضا صغيرا محركا قبعته بالطريقة المناسبة، ثم حصل عليه بالطبع دون أن يدفع ثمنه. وعندما خرجنا تحدث إلي قائلا: «والآن، إن كنت ترغب في العودة إلى متجر الكعك (الذي ما زلت أتذكر موقعه بدقة شديدة)، فسوف أعيرك قبعتي، ويمكنك أن تحصل على أي شيء تريده إن حركت القبعة على رأسك بالطريقة الصحيحة.» قبلت هذا العرض السخي بكل سرور، ودخلت إلى محل الكعك وطلبت بعضا منه ثم حركت القبعة القديمة بالطريقة السليمة. وبينما كنت أسير خارجا من المتجر، اندفع البائع نحوي، فسقط مني الكعك ورحت أجري كي أنجو بحياتي، وكم كنت مندهشا من صيحات الضحك التي استقبلني بها صديقي المخادع جارنيت.
يمكنني أن أشهد لنفسي بأنني كنت صبيا محبا للخير، غير أنني أدين بذلك بالكامل إلى إرشاد أخواتي ومثالهن. إنني لا أعرف على وجه التحديد ما إذا كان حب الخير صفة فطرية أم مكتسبة. لقد كنت مولعا جدا بجمع البيض، لكنني لم آخذ قط أكثر من بيضة واحدة من عش كل طائر، فيما عدا مرة واحدة أخذت فيها البيض كله ، وما كان ذلك لقيمته، وإنما على سبيل استعراض قدراتي.
كنت أحب بشدة الصيد بالصنارة، وكنت أجلس على مدى ساعات طويلة على ضفة نهر أو بحيرة أراقب فلينة الصنارة؛ وحين كنت في مير، سمعت بأنني أستطيع قتل الدود بالملح والماء، ومنذ ذلك اليوم، لم أدخل دودة حية واحدة في خطاف الصنارة، متخليا بذلك ربما عن جزء من النجاح في الصيد.
وذات مرة حين كنت ما أزال ولدا صغيرا في المدرسة النهارية أو حتى قبل ذلك الوقت، تصرفت بقسوة، وضربت جروا صغيرا، وأظن أن ذلك كان بدافع الاستمتاع بالشعور بالقوة فحسب، لكن هذا الضرب لم يكن قويا بأي حال؛ إذ لم يعو الجرو، وأنا متيقن من ذلك لأنه كان في بقعة قريبة من المنزل. وما تزال تلك الواقعة تثقل بشدة ضميري، وهو ما يتضح من تذكري للمكان الدقيق الذي وقعت فيه تلك الجريمة. وأعتقد أن وطأتها راحت تزداد علي بسبب ما كنت أكنه من حب للكلاب في ذلك الوقت وهو الذي امتد على مدى فترة طويلة بعد ذلك، حتى أصبح شغفا لدي. ويبدو أن الكلاب كانت تدرك ذلك؛ فقد كنت بارعا في جعلها تحبني أكثر من أصحابها.
لم تتبق سوى حادثة أخرى هي التي أتذكرها بوضوح من أحداث هذا العام، الذي قضيته في مدرسة السيد كيس النهارية، وهي حادثة دفن جندي من سلاح الفرسان. من المدهش أنني ما زلت أستطيع أن أتذكر بوضوح حذاء الجندي العالي الرقبة وبندقيته القصيرة وهما معلقان بسرج حصانه، بينما تطلق الطلقات من حول المقبرة. لقد أهاج هذا المشهد في جميع الخيالات الشاعرية التي كانت بداخلي.
في صيف العام 1818، ذهبت إلى مدرسة الدكتور باتلر في شروزبيري، وقضيت فيها سبع سنوات حتى منتصف الصيف في عام 1825، حين بلغت السادسة عشرة. لقد أقمت في تلك المدرسة؛ فتمتعت بتلك الميزة العظيمة بأن أختبر حياة الدراسة الحقيقة؛ غير أنها لم تكن تبعد عن منزلي بأكثر من ميل واحد؛ لذا، فغالبا ما كنت أعدو إلى المنزل في الفترات الفاصلة الطويلة بين انتهاء الدراسة وإغلاق أبواب المدرسة في الليل. وأعتقد أن ذلك مثل ميزة كبيرة بالنسبة لي؛ إذ تمكنت من الحفاظ على ارتباطي بالمنزل وأسرتي. وفي بداية حياتي المدرسية، أتذكر أنني غالبا كنت أضطر إلى الجري بسرعة كي أصل في الموعد، وعادة ما كنت أنجح في ذلك؛ إذ كنت عداء سريعا، وحين كنت أشك في النجاح، كنت أتضرع إلى الله بدعائي سائلا العون منه، وأتذكر جيدا أنني كنت أعزو نجاحي إلى استجابة الله لدعائي، لا إلى سرعتي في الجري، وكم كنت أتعجب من عونه الدائم لي.
لقد سمعت أبي وأختي الكبرى يقولان إنني كنت أميل في طفولتي إلى التجول منفردا لمسافات طويلة، غير أنني لا أدري ما الذي كنت أفكر فيه في تلك الجولات. كثيرا ما كنت أشرد بذهني، وذات مرة بينما كنت عائدا إلى المدرسة من فوق المتاريس المحيطة بشروزبيري، والتي كانت قد تحولت إلى ممشى عام بدون حاجز على أحد الجانبين، تعثرت وسقطت على الأرض، غير أن الارتفاع لم يكن يزيد عن سبعة أو ثمانية أقدام. ومع ذلك، فإن عدد الأفكار الذي دار بذهني في أثناء تلك السقطة الصغيرة جدا والمفاجئة وغير المتوقعة تماما، كان مذهلا، ولا يبدو لي أنه يتفق مع ما أثبته المختصون في علم وظائف الأعضاء، على ما أعتقد، وهو أن الفكرة الواحدة تستغرق فترة ملحوظة من الوقت حتى تتكون.
كانت مدرسة السيد باتلر هي الأسوأ لتطوري الذهني على الإطلاق؛ إذ كانت تقليدية تماما، ولم يكن يدرس بها سوى بعض من الجغرافيا والتاريخ القديمين. لم أستفد من تلك المدرسة بأي قدر من التعليم؛ فعلى مدى حياتي كلها، لم أتمكن من إتقان أي لغة. وقد كانت هذه المدرسة تولي اهتماما عظيما بنظم الشعر، ولم أكن أجيد ذلك على الإطلاق. غير أنه كان لي العديد من الأصدقاء وكنا نحفظ معا مجموعة جيدة من أبيات الشعر القديم، فكنت آخذ أجزاء من هذه الأبيات وأدمجها معا، بمساعدة بعض الصبية الآخرين في بعض الأحيان، وهذا ما جعلني أتمكن من تناول أي موضوع شعرا. وقد كان الاهتمام كبيرا بحفظ الدروس التي تعلمناها في اليوم السابق، وهذا ما كنت أتقنه بسهولة كبيرة؛ فقد كنت أحفظ ما يقرب من الأربعين أو الخمسين سطرا لفيرجيل أو هوميروس، وأنا لا أزال في المصلى الصباحي، غير أن هذا الأمر لم يكن مفيدا على الإطلاق؛ فقد كانت جميع هذه الأبيات تتلاشى من ذاكرتي في غضون ثمان وأربعين ساعة. لم أكن بليدا، وباستثناء نظم الشعر، فقد كنت بوجه عام أجتهد في دراسة الأعمال الكلاسيكية وأداء واجباتي المتعلقة بها، دونما أي محاولة للغش. وأما الشيء الوحيد الذي كنت أستمتع بدراسته من تلك الدراسات، فقد كان بعض القصائد الغنائية لهوراس، التي أعجبتني بشدة.
عندما غادرت المدرسة، لم أكن بالنابغة ولا بالبليد بالنسبة لسني، وأعتقد أنني كنت في رأي أبي وجميع المدرسين، ولدا عاديا للغاية، أو إلى حد ما أقل من المستوى المعتاد في الذكاء. وقد قال لي والدي ذات يوم: «إنك لا تهتم بأي شيء سوى الصيد والكلاب ومطاردة الفئران، ولسوف تكون عارا على نفسك وكل عائلتك.» وهو ما أشعرني بالخجل والخزي الشديدين، لكن أبي، الذي كان أطيب من عرفت من الرجال والذي أحب ذكراه بكل قلبي، لا بد أنه كان غاضبا ومتحاملا بعض الشيء حين استخدم هذه الكلمات.
ناپیژندل شوی مخ