ها نحن قد جئنا ديار تونس
ولم يعد علينا عتايب
يلا يا أجاويد الديار
هاتو الزكايب.
هنا هاج رئيس الحرس المتغطرس ذو الكرش الكبير صائحا: اتركوا هذا العبد الأغبر، دعوه.
وهنا اندفع أبو زيد داخلا من فوره قفزا إلى أن تخطى طوابير الزحام من حوله وأمامه، إلى ساحات تونس المزدانة عن آخرها بالرايات والمعلقات والزينات الملونة؛ احتفالا بعيد اللحم الكبير الذي اجتذب الآلاف المؤلفة من التونسيين وأتباعهم والزوار والغرباء من كل صوب وحدب.
إلى أن توقف أبو زيد مترصدا الباقين، الذين لم يطل بهم الأمر حين حذوا حذوه كفنانين شعبيين مشعوذين على باب الله: على باب المولى تمدح الأجاويد.
فما إن امتدت أيديهم إلى آلاتهم الموسيقية في صخب حتى هاج أكثر رئيس الحرس، مشيرا إليهم بالدخول: أوباش، صعاليك!
إلى أن اجتمع شملهم فغطسوا تماما وسط أسواق وأزقة تونس المزدحمة بالأجساد والاحتفالات الماجنة وروائح الشواء ومختلف الأطعمة والسلع، حتى أصبح من الصعب العسير اقتفاء آثارهم داخل بوابات قرطاج.
فاجتمع أبو زيد بعيونه وبصاصيه وتدبروا أمر معيشتهم مقدمين أشعارهم وغناءهم ومدائحهم وموشحات «مي الحزينة» داخل أحياء وأسواق ومشاري شاي قرطاج المزدهرة.
ناپیژندل شوی مخ