أنت يا زكي الجدود!
لكن كيف لدياب بن غانم أن ينسى يوما أو يتناسى تلك الواقعة المهينة، التي ستظل دوما ذكرى سوداء يختزنها داخله طيلة العمر ضد ثالوث العرب الشماليين السلطان حسن وأبي زيد الهلالي والجازية؟
وكان أكثر من استبشر بهذا الخبر حول إبعاد دياب بن غانم عن المقدمة والقيادة خليفة الزناتي ذاته، الذي يخاف دياب ويرهب حربته التي كثيرا ما أودت بطلائع الأبطال والقواد.
وتأكد ابن أخته العلام من نجاح خطته بإبعاد دياب أولا وقبل كل شيء عن المقدمة لدى الاقتراب من حصون تونس.
وهكذا استشرى العلام والأمير الهصيص في تصديهم وقتالهم للهلالية، موقعين بهم الخسائر وموقعين أمراءهم وقادتهم صرعى دون رحمة في أرض المعارك قبل أن يحين دور الزناتي فيما سيلي.
ويبدو أن أبا زيد الهلالي تفرد في تلك الوقائع بمبادرة اتخاذ القرار بالنزال والحرب وحده، بعد أن أخليت له ساحة المعارك برحيل دياب بن غانم لحراسة المؤخرة، مما أغضب السلطان حسن بن سرحان الذي استدعاه إثر إحدى الغزوات أو الغارات التي أبلى فيها أبو زيد البلاء الحسن إلى حد قتل الهصيص الذي أحدث قتله فزعا كبيرا في صفوف جند الزناتي؛ لأن الغارة تمت دون مشورة أحد، فجمع السلطان حسن مجلس المشورة أو الحرب وواجهه قائلا: «لماذا يا أبا زيد تقاتل القوم أنت بنفسك دون أن تخبرني؟! ما عدت تركب معنا!
وأمره بالامتثال للسجن، ووضع قدميه في قيود الحديد بإرادته واختياره!
فما كان من أبي زيد إلا أن امتثل للقيد ووضعه في رجله، وجلس وحيدا صاغرا لأمر السلطان حسن الهلالي لا يقرب زادا.»
لكن في صباح اليوم التالي، وما إن دقت طبول الحرب، وعلم الزناتي من العلام وبصاصيه بغياب أبي زيد عن صفوف الهلالية، حتى قاد بنفسه فيالقه وخرج لقتال الهلالية موقعا بهم وبقادتهم أفدح الخسائر، انتقاما لابن أخته الأمير الهصيص.
وعندما علم أبو زيد بمدى الخسائر والقتلى في صفوف قومه الهلاليين وهو حبيس قيوده، أحاطه الحزن والضيق إلى حد عدم احتماله، فما كان منه إلا أن فك وثائق قيوده ثائرا ممتطيا صهوة جواده، ليفاجئ الجميع بوجوده في ساحة المعركة.
ناپیژندل شوی مخ