الالتفات إلى المعقولات ، كما يمنع الخدر العضو عن الإحساس بالاحتراق مثلا ، وما لم تقبل النفس على المعقولات لم تجد ذوقا منها ، فلم يحصل لها شوق إليها.
وأما الجهل فلما كان مستمرا غير متجدد ، وكانت النفس مشتغلة بغيره لم تكن مدركة له ، فلم تكن متألمة به.
* وصل
ثم إن نسبة اللذة إلى اللذة هي بعينها نسبة المدرك إلى المدرك ، والإدراك إلى الإدراك ؛ وذلك لأن المحدود والحد يجب أن يكونا متطابقين في قبول الشدة والضعف ، كالسواد الذي يحد بأنه لون قابض للبصر ، ثم كان بعض الألوان أقبض للبصر من بعض ، فوجب أن يكون بعض ما هو سواد أشد من بعض ، فكل ما وجوده أقوى ، وخيريته أتم ، وملائمته أوفر ، وإدراكه أشد ، فالالتذاذ به أكثر ، والابتهاج به أكمل ، والسرور به أدوم.
وكل ما هو استلزامه للعدم أقوى ، وشريته أتم ، ومنافرته أوفر ، وإدراكه أشد ، فالتألم به أكثر ، والاغتمام به أكمل ، والحزن به أدوم ، وعلى هذا القياس.
* وصل
قد دريت أن المجردات عن المواد وجوداتها أقوى ، ومدركيتها أتم ، وأن الخيرية والملائمة فرعان للوجود ، فإدراكها لا محالة ألذ من إدراك الماديات على اختلاف مراتبها جميعا ، فاللذات العقلية أقوى وأشد من اللذات الخيالية ، والخيالية أقوى وأتم من الحسية.
مخ ۱۰۶