143

صادرا عنه ، فكان ظلمة محضة.

والجهة الأولى النورانية تسمى وجودا ، والجهة الأخرى الظلمانية هي المسماة ماهية ، وهي غير صادرة عن الفاعل ؛ لأنها الجهة التي تثبت بها المباينة مع الفاعل ، فهي جهة مسلوب نحوها عن الفاعل ، ولا ينبعث من الشيء ما ليس عنده ، ولو كانت منبعثة عن الفاعل كانت هي جهة الموافقة ، فاحتاجت إلى جهة أخرى للمباينة.

قال : فالمعلول من العلة كالظل من النور ، يشابهه من حيث ما فيه من النورية ، ويباينه من حيث ما فيه من شوب الظلمة ، فكما أن الجهة الظلمانية في الظل ليست فائضة من النور ، ولا هي من النور ؛ لأنها تضاد النور ، ومن أجل ذلك توقع المباينة ، فكيف تكون منه؟ فكذلك المسماة ماهية في المعلول.

قال : فثبت صحة قول من قال : الماهية غير مجعولة ، ولا فائضة من العلة ، فإن الماهية ليست إلا ما به الشيء شيئا فيما هو ممتاز عن غيره من الفاعل ، ومن كل شيء ، وهو الجهة الظلمانية المشار إليها التي تنزل في البسائط منزلة المادة في الأجسام (1).

* وصل

وليس أنه إذا خرجت الماهية عن حيز الجعل ، فقد ألحقت بالواجب في الاستغناء عن العلة ؛ لأن الماهية إنما كانت غير مجعولة لأنها دون الجعل ؛ لأن الجعل يقتضي تحصلا ما ، وهي في أنها ماهية لا تحصل لها أصلا.

مخ ۱۶۳