إنما هو الوجود كما يأتي ، وأن للوجود تقدما على الماهية ضربا من التقدم ، وثبت أن لوازم الوجود غير مجعولة ، فلا يرد السؤال عن وجه اختصاص بعض الأمور بموضع معين من مواضع جرم بسيط الحقيقة ، أو بفرد معين من أفراد ماهيته ، مع تشابه الأبعاض والأفراد في الاستحقاق ، كاختصاص المناطق والأقطاب بمواضع مخصوصة من الأفلاك ؛ وذلك لأن وجود كل شيء أمر شخصي به تتعين ماهية ذلك الشيء ، ويقبل الهذية ، ويصير هذا الشخص المعين من جملة أشخاص مفروضة ، تحتمل ماهية الشركة بينها في الذهن ، ولها العموم والكلية بالنسبة إليها ، وكل من تلك المفروضات وإن كان يحتمل قبول الوجود من حيث ماهيته الإمكانية ، إلا أن هذا الوجود لما خرج بسبب فاعله من الإمكان إلى الوجوب سبق سائر تعينات الماهية ، وعند تحصل الماهية بهذا الوجود وهذا التشخص استحال حصول غيره معه ، ولا بدلا منه ابتداء أو تعاقبا ؛ لأن هذا الوجود لا يقبل التماثل ، ولا التضاد ، فإذا كان تعين الماهية بوجودها ، وكانت العوارض الشخصية لها من توابع وجودها ، ولوازم تعينها ، كان جعلها ووجودها تابعا لجعل الماهية ووجودها ، من غير علة ، فالسؤال في طلب تعيين اللوازم كالسؤال في طلب تعيين الوجود ، من غير فرق.
وهذا من التحقيقات المختصة بالأستاذ دام ظله (1)، وبه يندفع بعض المعضلات التي أعيت الفضلاء عن حلها.
مخ ۱۳۰