د واپسي په لور
عود على بدء
ژانرونه
فخجلت، ولو كنت باديا، ولم اكن مختبئا، فى جسده الخوار لتصببت عرقا. وماكنا سمعنا سوى قذيفة واحدة فما كل هذا الفزع والجزع؟ ومن حسن الحظ آن العم أحمد لايستطيع أن يرانى فى مخبئى الآدمى، وإلا لذبت خجلا.
وربت العم أحمد على كتف سونه - ولو استطعت لدفعت يده، فما كانت بى حاجة إلى طمأنية - وقال: «لاتخف! تعال معى.» قلت: «إلى أين»؟
قال: «إلى البيت طبعا ... لماذا خرجت؟ وكيف خرجت فى هذا الوقت»؟
فاختلفت أنا وسونه: هو يريد أن يحدثه عن الغراب الذى طار عن الشجرة فأطار لبه، والقطة التى أرعبته فى الظلام بعينيها، وأنا أشعر أن فى وسعى أن أكاشف هذا الرجل بسرى، ألست قد تبينت أنه يحب لولو والحب يلين القلوب وينشط الخيال ، ويكبر القلب، ويقوى العطف، والرجل الذى يحب لولو لابد أن يكون له نظر وذوق، وإن كان لايحتاج إلى نظر كثير ليفطن إلى جمالها، فأخلق به - بفضل فطنته ونظره - أن يرى أنى مخبوء فى هذا البدن الذى ليس لى، وأنى فى الحقيقة موءود فيه! وعسى أن يساعدنى على الاهتداء إلى بيتى وأهلى فأتصل بهم ولو من ناحيتي أنا.
ولم يطل الخلاف، فقد تغلب سونه فإنه ذو اللسان، وأنا أخرس أو لا لسان لى على الأصح، فقد بقى هناك مع جسمى الفارغ، فلشد ماتتحكم الأجساد فى النفوس وتسيطر عليها! هذا أنا - أسكن جسدا لم يسو على قدى، ولم يصنع على قياسى، فهو يستطيع أن يصنع بى ماشاء، ولا أستطيع أنا إلا أن آتأسف وأهز رأسى هزا مجازيا، فما لى رأس كما لاحاجة بى أن أقول.
ولم أكن أعرف أن سونه كذاب مذاع، فأدهشنى فشره ومعره، وأخجلنى أيضا، وحاولت أن أغمزه ليقتصد فيما يزور ويختلق من الأباطيل والترهات، ولكنه لم يحفل غمزى أو لم يشعر به، وراح يخبر عن خرافات لا أصل لها، ولم يقع منها شىء ويقول فيما يقول إن ماردا سد الطريق فى وجهه، فرماه باية الكرسى فاحترق المارد وخلا فى وجهه - اعنى سونه - الطريق.. وزعم أيضا أن ذات مئزر أبيض همت بعناقه وضمه إلى صدرها الذى كانت الابر البارزة منه تلمع فى الظلام ولو ضمته لانغرزت الابر فى صدره هو فمات - فقلت فى سرى: ليتك مت! إذن لأمكن أن أنقل إلى جسم آخر لاتخجلنى سكناه - ولكنه حاورها وفر.
وصارت القطة فى أساطيره ذئبا، تارة، وكلبا عقورا تارة أخرى. أما الغراب فكان ساحرة يطير بمقشة كما رآها على مايظهر فى بعض الصور المتحركة.
فقلت لنفسى: «والله إنك لذو خيال ياهذا، ولكنه خيال لايعدو خيال الصبيان من أمثالك ولايجاوز بك آفاقهم.
فإذا كان لابد لك من الكذب والادعاء فهلا كنت استشرتنى لألهمك ماهو أبرع من ذلك»؟
ولكن المدهش أن العم أحمد لم يدهش، ولم يشمئز من هذا الكذب الصراح، بل كان يشجعه عليه ويستزيده منه ويبدى له التصديق، والاستطابة، ويحمد الله - تعالى - على نجاته تارة ويثنى على شجاعته وقوة قلبه طورا، وهكذا إلى أن بلغنا البيت فقلت لنفسى ستسمع بضع أساطير أخرى حين تجتمع علينا الأم والعم والخدم. فما يليق أن يحرمهم السيد سونه الاستمتاع بمثل ما استمتع به الجناينى من ثرثرة لسانه الحلو الذى يظهر أنه يفرح بقدرته على دهورته فى شدقه.
ناپیژندل شوی مخ