د واپسي په لور
عود على بدء
ژانرونه
ولكنى أسبق الحوادث، فلأبدأ من البداية.
والبداية أنهم عمدوا إلى حجرة رحيبة مستطيلة رفعوا عن أرضها السجادة الوثيرة - لئلا يوسخها الغلمان بأحذيتهم الموحلة - ومدوا فى وسطها مائدة طويلة أقاموا عليها مقصفا، ولا قصف هناك ولا شبهه، فما كان ثم إلا الديكة، والحمام، والسمك، واللحم، والحشو وما إليه والحلواء من فطائر وولائق وما أشبه، والفواكه، وفى وسط المائدة فطيرة عظيمة مخلوطة بالصنوبر واللوز والجوز والفستق - على الرغم من انقطاع الوارد من ذلك فى هذه الحرب - غرزوا فيها عشر شمعات بعدد سني عمري. فتأمل! لو جعلوها مائة أو مائتين لما أخطأوا أو أسرفوا، فقد عشت فى هذا النهار وحده قرنا كاملا وزيادة!
وأضيئت الأنوار كلها حتى بتنا كأننا فى عرس.. فشعرت بيد غليظة تعصر قلبى، إذ تذكرت أن زوجتى المسكينة تندبنى الآن، وأن ولدى قد غاض معين المرح من نفسيهما، وحلت فيهما الترحة والغصة وأنا هنا يحتفي بي الناس ويسروننى ويبروننى.
و أقبل الغلمان فرادى وجماعات، وأنا أحييهم وأرحب بهم، وإن كنت أنكرهم ولا أعرفهم، وكانوا يسلمون ولا يزيدون على الابتسام، ولا يجرون ألسنتهم بكلمة تهنئة، وأحسبهم ما كان يعنيهم إلا الطعام الذى سيطعمونه، أو لعلهم كانوا على استحياء من أمى، وفزع وجزع من منظر العم الذى لا حاجة إلى تعريف جديد به.
وصاروا كثرا، وغصت بهم الحجرة التى سيقوا إليها، ورأيتهم صامتين يتخالسون النظر فقلت فى سرى: إنه لا يطلق ألسنتهم ولا يحل عقدتها إلا الطعام، فنهضت وأشرت إليهم أن تعالوا إلى المائدة، فهزت أمى رأسها أن لا، وأشارت بأصابعها مضمومة أن تأن ... وأن الله مع الصابرين.
فدنوت منها وسألتها: «ما الداعى إلى التأخير»؟
قالت: «أما إنك لغريب ... ألا تنتظر الباقين؟ لماذا تأخروا يا ترى»؟
ومضت إلى الباب ونادت: «يا لولو.. لولو».
فتعجبت للولو هذه من عساها تكون. ولهذا الولع بتصغير الكبار فى بيت يصلح أن يكون ثكنة لفيلق كامل.
وجاءت لولو فإذا هى فتاتى الحسناء التى خلعت لها قلبها وذعرتها بما حدثتها به فى الصباح، والتى أكاد أرجح أنها ما تحولت إليه الحاجة.
ناپیژندل شوی مخ