العواصم له قواصم

Abu Bakr Ibn al-Arabi d. 543 AH
178

العواصم له قواصم

العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

خپرندوی

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٩هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ما رضيت النصارى واليهود في أصحاب موسى وعيسى ما رضيت الروافض في أصحاب محمد ﷺ حين حكموا عليهم بأنهم قد اتفقوا على الكفر والباطل (١) . فما يرجى من هؤلاء، وما يستبقى منهم؟ وقد قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ [النور: ٥٥] (النور: ٥٥) (٢) وهذا قول صدق، ووعد حق. وقد انقرض عصرهم ولا خليفة فيهم ولا تمكين، ولا أمن ولا سكون، إلا في ظلم وتعد وغصب وهرج وتشتيت وإثارة ثائرة. وقد أجمعت الأمة على أن النبي ﷺ ما نص على أحد يكون من بعده (٣) . وقد قال العباس لعلي - فيما روى عنه عبد الله

(١) أخرج الحافظ ابن عساكر (٤: ١٦٥) أن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب قال لرجل من الرافضة. «والله لئن أمكننا الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم، ثم لا نقبل منكم توبة» . فقال له رجل: لم لا تقبل منهم توبة؟ قال: نحن أعلم بهؤلاء منكم. إن هؤلاء إن شاءوا صدقوكم، وإن شاءوا كذبوكم وزعموا أن ذلك يستقيم لهم في (التقية) . ويلك! إن التقية هي باب رخصة للمسلم، إذا اضطر إليها وخاف من ذي سلطان أعطاه غير ما في نفسه يدرأ عن ذمة الله، وليست باب فضل، إنما الفضل في القيام بأمر الله وقول الحق. وايم الله ما بلغ من التقية أن يجعل بها لعبد من عباد الله أن يضل عباد الله» . . . (٢) انظر ص ٥١ - ٥٣. (٣) نقل الحافظ ابن عساكر (٤: ١٦٦) عن الحافظ البيهقي حديث فضيل بن مرزوق أن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب سئل فقيل له: ألم يقل رسول الله ﷺ «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ فقال: «بلى: ولكن والله لم يعن رسول الله ﷺ بذلك الإمارة والسلطان. ولو أراد ذلك لفصح لهم به، فإن رسول الله ﷺ كان أنصح للمسلمين. ولو كان الأمر كما قيل لقال: يا أيها الناس هذا ولي أمركم والقائم عليكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا. والله لئن كان الله ورسوله اختار عليًّا لهذا الأمر وجعله القائم للمسلمين من بعده ثم ترك علي أمر الله ورسوله، لكان علي أول من ترك أمر الله ورسوله» . ورواه البيهقي من طرق متعددة في بعضها زيادة وفي بعضها نقصان والمعنى واحد.

1 / 185