============================================================
عنده من الشوق ما يذهب عنه لهب الجوع، فإذا استمع العبد إلى بيت من الشعر وقليه حاضر فيه، كأن يسمع الحادى يقول مثلا: اوب إليك يا رحمن إنى أسات وقد تضاعفت الذنوب فاما مين هوى ليلى وخيى زيارتها فائى لا اتوب فطاب قلبه لما يجده من قوة عزمه على الثبات فى أمر الحسق الى الممات، يكون فى سماعه هذا ذاكرا لله تعالى كما قال بعض أصحابتا: كتا نعرف مواجيد أصحابنا في ثلاثة أشياء: عند المسائل، وعند الغضب، وعتد السماع وقال الجنيد(1): تنزل الرحمة على هذه الطائقة فى ثلاثة مواضع : عند الأكسل، لأنهم لا يأكلون إلا عن فاقة، وعند المذاكرة، لأنهم يتحاورون فى مقامات الصديقين والنبيين، وعند السماع؛ لأتهم يسمعون بوجد ويشهدون حقا.
وسئل رويم عن وجد الصوفية عند السماع، فقال: يتنبهون للمعانى التى تقرب عن غيرهم، فتشير إليهم إلى. إلى. فيتنعمون بذلك من الفرح، ويقع الحجاب للوقت فيعود ذلك الفرح بكاء، فمنهم من يمزق ثيابه، ومنهم من يبكى، ومنهم من يصيح.
أخبرنا أبو زرعة، إجازة، عن ابن خلف، اجازة، عن السلمى قال: سمعت أبا سهل ممد بن سليمان يقول: المستمع بين استتار وتجل؛ فالاستتار يورث التلهب، والتجلى يورث المزيد، فالاستتار يتولد منه حركات المريدين، وهو محل الضعف والعجز، والتجلى يتولد منه السكون للواصلين، وهو محل الاستقامة والتمكين. وكذلك محل الحضرة ليس فيه إلا الذبول تحت موارد الهيية.
قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى: سمعت جذى يقول: الستمع ينبغى أن يستمع بقلب حى ونفس ميتة، ومن كان قلبه ميئا ونفسه حية لا يحل له السماع.
(1) هو ايو القاسم الجنيد بن محمد بن الجتيد البغدادى الخزاز، مولده ووفاته ببغداد سنة 297 هس/ 91م وعرف بالخزاز لأنه كان يعمل الخز. قال أحد معاصريه: ما رات عيناى مثله؛ الكتبة يحضرون مجلسه لالفاظه، والشعراء لفصحاته، والمتكلمون لمعانيه وهو أول من تكلم فى علم التوحيد بيغداد، وقال ابن الأثير فى وصفه: إمام الدنيا فى زماثه، وعده العلماء شيخ مذهب التصوف لضبط مذهبه بتواعد الكتاب والسنة.
مخ ۷